اطق المملكة المختلفة، من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها، تحت راية الوطن، واجتماعها لإيجاد هذا الكيان الكبير الذي يسمى: المملكة العربية السعودية.
هذه الروح وهذا التوجه كانت ولا تزال من أهم العوامل التي تميز هذا الوطن. وقد يقول قائل إن هذه الروح أساء لها البعض، وأرد عليه قائلا: بأن هذه الروح باقية لا تموت!
أردت استخدام هذه المقدمة للتعليق على وضع القطاع الصحي السعودي في الآونة الأخيرة.
مما لا شك فيه أن الدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ ألبسه الله لباس الصحة والعافية ــ بذلت الغالي والرخيص ورصدت المليارات من الريالات لتطوير القطاع الصحي في المملكة والنهوض به ليتماشى ورؤية خادم الحرمين الشريفين «صحة المواطن أغلى وأعز ما في الوطن».
ومن باب إحقاق الحق وشكر أهل الفضل، يجب أن نعترف بأن جميع وزراء الصحة الذين كلفوا بهذا «الحمل الثقيل» لقيادة هذا الصرح الكبير، قد بذلوا كل الجهد لتحقيق هذه الرؤية الملكية والنهوض بالقطاع الصحي السعودي. فبداية بالأمير عبدالله الفيصل آل سعود، مرورا بالدكتور رشاد فرعون، والدكتور حسن نصيف، والدكتور حامد الهرساني، والدكتور يوسف الهاجري، والشيخ حسن آل الشيخ، والشيخ جميل الحجيلان، والدكتور عبدالعزيز الخويطر، والدكتور حسين الجزائري، والدكتور غازي القصيبي، والشيخ فيصل الحجيلان، والدكتور أسامة شبكشي، والدكتور حمد المانع، والدكتور عبدالله الربيعة، والمهندس عادل فقيه، وصولا إلى الدكتور محمد آل هيازع، مرت وزارة الصحة بأكثر من ستة عقود من التطوير منذ إنشائها على أيدي هؤلاء الوزراء. ومع استحالة إمكانية إرضاء الجميع، خصوصا في قطاع كقطاع الصحة، يجب علينا أن نعترف بالإنجازات التي عملها هؤلاء الرجال، ولعل آخرها احتواء فيروس كورونا وخلو موسم حج ١٤٣٥ من الأمراض والأوبئة في عهد وزير الصحة المكلف المهندس عادل فقيه.
هذه النجاحات، مع كثرة التحديات ومطالبة المواطنين بالمزيد، لم تكن لتحصل لولا تضافر الجهود وعمل الاستشاريين الممثلين لألوان طيف مقدمي الخدمة الصحية، كفريق واحد لإنجاز مهمة معينة أو تحقيق مشروع حيوي.
مع كل الجهود التي بذلت، والأموال التي أنفقت، جميعنا يعلم أن التحديات التي تواجه القطاع الصحي لم تنته، وتطلعات القيادة والشعب من وزارة الصحة لا تزال كبيرة.
مع كل ما ذكر، أرى أنه من الضروري جدا، من باب المسؤولية الوطنية، وتحقيقا للأهداف العليا للبلد، أن نتكاتف مع وزير الصحة الجديد، لا لشخصه، بل لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
أهمية المرحلة القادمة وحجم التحدي يحتمان علينا، بغض النظر عن انتمائنا (وأننا جميعا سعوديون)، أن نبذل الغالي والرخيص من تقديم النصح والمشورة، وتنفيذ المشاريع وإنجاز المهمات، بما فيه نهضة وتطوير الخدمة الصحية في المملكة.
هذه دعوة خالصة من القلب: دعونا نتخلص من انتماءاتنا الشخصية، وقبائليتنا، ومناطقيتنا. دعونا ننتمي إلى الكيان الأكبر، ألا وهو الوطن. فكما تمكن مؤسس هذه المملكة من توحيد العديد من القبائل والمناطق تحت راية الوطن الواحد، سنستطيع ــ بحول الله ــ تجاوز جميع الصعاب إذا طبقنا روح الفريق الواحد والوطن الواحد.