تكرِّر للشمس يشكِّل عامل خطورة للإصابة بسرطان الشفة. أعراض سرطان الفم هي: • ظهور بقع بيضاء أو حمراء في الفم. • قرحة معنِّدة في الفم. • نزف من الفم. • تخلخل الأسنان. • مشاكل أو ألم عند البلع. • ظهور كتلة في العنق. • ألم في الأذن. ويمكن معالجة سرطان الفم بالجراحة أو بالمعالجة الشعاعية أو الكيميائيَّة. كما يمكن الجمع بين أكثر من طريقة للمعالجة.
مقدِّمة
يصيب سرطان الفم أيَّ جزء من جوف الفم، بما في ذلك الفمُ والشفتان، أو البلعوم الفموي، وهو الجزءُ من البلعوم الذي يشكِّل الجدار الخلفي للفم. سرطانُ الفم واحد من السرطانات الشائعة، لاسيَّما بين الرجال. يُصاب ستة من كل مائة ألف رجل بسرطان الفم كل سنة. كلما أمكن اكتشافُ سرطان الفم ومعالجته في وقت أبكر، كانت فرص نجاح المعالجة أكبر. يساعد هذا البرنامج التثقيفي على فهم سرطان الفم وخيارات علاجه فهماً أفضل.
تشريح جوف الفم
يتألَّف جوفُ الفم من الشفتين، والثلثين الأماميين من اللسان، واللثة والأسنان، ومخاطية الشدق، وقاع الفم تحت اللسان، والغدد اللعابية، والحنك الصلب.
تقوم الغدد اللعابية بإنتاج اللعاب. واللعابُ هو السائل المائي في الفم الذي يقوم بترطيب الطعام للمساعدة على هضمه. كما أنَّ اللعاب يحمي الفم من العدوى. يوجد الكثيرُ من الغدد اللعابية، ولكن الرئيسيَّة منها هي تلك الموجودة في قاع الفم قرب عظم الفك السفلي. البلعوم الفموي هو الجزء المتوسِّط من البلعوم، ويشمل الحنك اللين وقاعدة اللسان واللوزتين.
سرطان الفم
يتألَّف الجسمُ من خلايا بالغة الصغر. تنمو الخلايا الطبيعية وتموت وفق نظام مضبوط. في بعض الأحيان، تواصل الخلايا انقسامها بطريقة غير مضبوطة ممَّا يؤدِّي إلى نمو شاذ يُسمَّى الورم. إذا كان الورم لا يغزو الانسجة المجاورة والأجزاء الأخرى من الجسم، فإنه يسمَّى ورماً حميداً، أو غير سرطاني. والأورام الحميدة لا تشكِّل خطراً على الحياة في الأحوال العادية. إذا كان الورم يغزو الانسجة المجاورة أو الأجزاء الأخرى من الجسم، فإنَّه يُسمَّى ورماً خبيثاً أو سرطاناً. وتنتشر الخلايا السرطانية إلى مختلف أجزاء الجسم عبر الأوعية الدموية والقنوات اللمفية. اللمف هو سائلٌ رائق ينتجه الجسم، ويقوم بنزح الفضلات من الخلايا. وهو يسير عبر أوعية خاصة وأجسام تشبه حبات الفاصولياء تُدعى العقد اللمفية. إن السرطان الذي ينتقل من عضو إلى آخر يُسمَّى سرطاناً منتقلاً؛ فمثلاً، يمكن أن ينمو الورمُ الفموي ليصبح بحجم ثمرة الليمون، ويغزو الانسجة المجاورة مع مرور الوقت. تُسمَّى السرطاناتُ بحسب اسم العضو الذي بدأ فيه الورم؛ فالسرطانُ الذي يبدأ في جوف الفم يُسمَّى دائماً سرطان الفم، حتَّى إذا انتشر إلى أماكن أخرى.
عوامل الخطورة
من المستحيل عادة معرفةُ السبب المحدَّد للسرطان عند مريض معيَّن. لكنَّنا نعلم الأسبابَ العامَّة للسرطان. ويعرف الأطبَّاء أيضاً العوامل التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بالسرطان. وهذه العوامل تُسمَّى عوامل الخطورة. معظم سرطانات الفم تنجم عن استخدام التبغ؛ فتدخين السجائر أو السيجار أو الغليون، أو استخدام التبغ غير المُدخَّن، يُسبِّب سرطان الفم. ويزداد خطرُ الإصابة بسرطان الفم مع طول مدة استهلاك الشخص للتبغ. كما أنَّ الأشخاصَ الذين يُسرفون في تناول الكحول معرَّضون أكثر للإصابة بسرطان الفم. ويزداد الخطرُ مع ازدياد كمِّية الكحول المستهلكة. يكون الأشخاص الذين يستهلكون التبغ والكحول أكثرَ تعرُّضاً لاحتمال الإصابة بسرطان الفم؛ فثلاثةٌ من كلِّ أربعة مرضى مُصابين بسرطان الفم هم ممن يستهلكون التبغ أو الكحول أو كليهما. يعدُّ فيروسُ الورم الحليمي البشري واحداً من الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس، ويمكن أن يسبِّب الثآليل التناسلية. ويمكن أن تصيب بعض هذه الفيروسات الفمَ والبلعوم. إنَّ سرطانات قاعدة اللسان والبلعوم الفموي واللوزتين والحنك الرخو لها صلة بهذا الفيروس. يزيد التعرُّضُ للشمس من خطر الإصابة بسرطان الشفة. ويمكن التخفيفُ من هذا الخطر باستخدام المُطري أو مرهم الشفة الواقي من الشمس. من عوامل الخطورة الأخرى القصَّةُ المرضية؛ فالشخصُ الذي سبق له أن أُصيب بسرطان الفم يكون معرَّضاً للإصابة به أكثر من غيره. يمكن أن يزيد النظامُ الغذائي للشخص من خطر الإصابة بسرطان الفم؛ فهناك دراساتٌ تقول إنَّ عدم تناول ما يكفي من الخضار والفواكه يزيد من خطر الإصابة بسرطان الفم. إن مضغ بذرة الفوفل قد يسبِّب سرطان الفم. وبذرةُ الفوفل هي نوع من بذور النخيل المغلَّف بورقة فوفل، تُمزج أحياناً مع البهارات والمحلِّيات والتبغ. وهي منتشرة كثيراً في آسيا. لا يعني التعرُّض لعوامل خطورة الإصابة بسرطان الفم أنَّ الشخص سيُصاب بسرطان الفم بالتأكيد. كما يمكن أيضاً أن يصابَ بسرطان الفم شخصٌ لم يتعرَّض لأيٍّ من عوامل الخطورة.
أعراض سرطان الفم
من الأعراض المنتشرة لسرطان الفم ظهورُ بُقع داخل الفم أو على الشفتين. ويحدِّد لونُ البقع مدى خباثة الورم. إن البقع البيضاء، التي تُسمَّى الطلوان، هي أكثر أشكال البقع مشاهدة، ويمكن أن تتحوَّل إلى خبيثة. أمَّا البقعُ المختلطة الحمراء والبيضاء والتي تسمَّى الطلوان الأحمر فتكون أكثرَ ميلاً إلى الخباثة. وأمَّا البقع الحمراء فهي ذات لون لامع وسطح أملس، وهي غالباً ما تتحوَّل إلى الخباثة. كما يمكن أن تظهر لدى مريض سرطان الفم الأعراض التالية أيضاً:
قرحة لا تشفى على الشفة أو في الفم.
نزف في الفم.
تخلخل في الأسنان.
صعوبة أو ألم في البلع.
ومن الأعراض الشائعة الأخرى لسرطان الفم:
صعوبة في وضع طقم الأسنان.
وجود كتلة في العنق.
ألم لا يزول في الأذن.
شعور خدر في الذقن والشفة السفلى.
هناك أمراضٌ أخرى يمكن أن تسبِّب أعراضاً مشابهة لأعراض سرطان الفم؛ فإذا ظهر أيٌّ من هذه الأعراض لديك أو لدى أحد من معارفك، فاحرص على مراجعة الطبيب لمعرفة السبب.
تشخيص سرطان الفم
إن الطريقةَ الأفضل لمعالجة سرطان الفم هي الكشف المبكِّر عنه. ومن الممكن أحياناً اكتشافُ هذا النوع من السرطانات قبل أن تعطي أيَّةَ أعراض. إذا كان لدى المريض سرطان الفم، فسوف يحاول الطبيب أن يجد ما إذا كانت الأعراضُ ناجمة عنه أم أنَّ هناك سبباً آخر. يسأل الطبيبُ عن القصَّة المرضية، ويقوم بالفحص السريري للفم والبلعوم بحثاً عن البقع البيضاء أو الحمراء، أو عن الكتل أو الأورام أو غيرها. يمكن أن يحيل الطبيبُ المريضَ إلى طبيب اختصاصي بأمراض الأذن والأنف والحنجرة إذا لم يتمكَّن من معرفة سبب الأعراض. كما يمكن أن يستخدم الطبيب الاختصاصي مرآةً صغيرة ذات ذراع طويلة أو أنبوباً مضاء لرؤية المنطقة الخلفية من الأنف واللسان والبلعوم. قد يحتاج الأمرُ إلى التصوير الطبقي المحوري للتحري عن وجود أورام غير ظاهرة. والتصويرُ الطبقي المحوري هو جهاز أشعَّة سينية موصول بحاسوب، يأخذ سلسلة من الصور المفصَّلة للأعضاء داخل الجسم. ويمكن إجراءُ تصوير بالرنين المغناطيسي لأخذ صور مفصَّلة عن مناطق داخل الجسم. ويستخدم هذا النوعُ من التصوير مغانط قوية لتصوير المناطق داخل الجسم. ويمكن أن تُكتشَف الأورام الخفية بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي أيضاً. كما يمكن أيضاً أخذ خزعة من الفم لتشخيص سرطان الفم. والخزعة هي استئصال خلايا أو نسيج من أجل إجراء التشريح المرضي. يدرس طبيبُ التشريح المرضي النسيجَ تحت المجهر بحثاً عن الخلايا السرطانية. وتعدُّ الخزعة هي الطريقةَ الأكيدة الوحيدة لتشخيص السرطان.
مراحل سرطان الفم
يعمل الطبيبُ على تحديد مرحلة سرطان الفم عند المريض. ويهدف تحديدُ المرحلة إلى معرفة هل انتشر السرطان أم لا، وإذا كان قد انتشر فإلى أيَّة أجزاء من الجسم. تُميَّز المراحل بترقيمها من 1 إلى 4؛ وكلَّما كان الرقم أدنى كان الورم في مرحلة أبكر. ويساعد تحديد مرحلة الورم على تحديد طريقة المعالجة. إذا انتقل سرطانُ الفم إلى العقد اللمفية، فمن الممكن أن ينتقل إلى مناطق أخرى من الجسم. ويمكن لسرطان الفم أن ينتقلَ إلى عقد لمفية بعيدة، وإلى العظام، والكبد والرئتين وغيرها من أجزاء الجسم. يمكن إجراءُ تصوير بالأشعَّة السينية لتحديد مرحلة سرطان الفم. إنَّ تصوير الفم كله بالأشعَّة السينية يمكن أن يبيِّن ما إذا كان الورم قد انتقل إلى الفك السفلي. كما يظهر تصويرُ الصدر بالأشعَّة السينية ما إذا كان الورم قد انتقل إلى هذه المنطقة. كما يمكن أيضاً إجراء التصوير الطبقي المحوري أو التصوير بالرنين المغناطيسي بحثاً عن الأورام في الفم أو البلعوم أو الرقبة أو الرئتين أو أيِّ مكان آخر في الجسم. يمكن إجراء التنظير لفحص إصابة البلعوم والرغامى والرئتين بالسرطان. وفي هذا الإجراء، يقوم الطبيب بإدخال أنبوب دقيق مُضاء عبر الفم أو الأنف. يمكن أن يُظهر التَّصوير المَقْطَعِيُّ بِالإِصدار البوزيترونيِّ ما إذا كان سرطان الفم قد انتشر إلى مناطق أخرى من الجسم. وفي هذا الاختبار، يجري حقنُ المريض بكمِّية قليلة آمنة من السكَّر المشع.
يلتقط التَّصويرُ المَقطَعِيُّ بِالإِصدار البوزيترونيِّ صوراً للأماكن من الجسم التي تلقَّفت السكَّر. وتظهر الخلايا السرطانية لامعةً، لأنَّها تستهلك السكَّر بشكل أسرع من الخلايا السليمة.
علاج سرطان الفم
يعتمد تحديدُ المعالجة بشكل أساسي على الصحَّة العامة للمريض، وعلى مكان بدء الورم في الفم أو البلعوم، وعلى حجم الورم، وما إذا كان قد انتشر أم لا. يمكن أن يُعالَج سرطانُ الفم بالجراحة أو بالمعالجة الشعاعية أو الكيميائية أو بالمعالجة بالاستهداف، أو بالجمع بين أكثر من طريقة من هذه الطرق. إنَّ الجراحةَ الهادفة إلى استئصال الورم من الفم أو البلعوم هي من الطرق الشائعة لمعالجة سرطان الفم. كما يقوم الطبيب أحياناً باستئصال العقد اللمفية في الرقبة واستئصال انسجة أخرى أيضاً. ويمكن أن تؤدِّي بعضُ الجراحات إلى صعوبات في البلع أو إلى ضعف عضلي في الفم. يستخدمُ العلاجُ الشعاعي أشعَّةً ذات طاقة عالية لقتل الخلايا السرطانية ومنعها من النموِّ والانتشار. وتصدر الأشعَّة الخارجية التي تعالج الخلايا من جهاز يُوجِّه الأشعَّةَ على منطقة محدَّدة من الجسم. يمكن استخدامُ أشعَّة داخلية لمعالجة سرطان الفم أيضاً، رغم أنَّ هذه الطريقة أقل انتشاراً. تصدر الأشعَّةُ هنا من مادَّة مشعَّة موضوعة في حبوب أو أسلاك أو أنابيب توضَع مباشرة في نسيج الفم أو البلعوم. المعالجةُ الكيميائية هي استخدام أدوية لقتل الخلايا السرطانية. وتجري المعالجةُ الكيميائية لسرطان الفم عادةً عن طريق الوريد، حيث تدخل الأدوية إلى الدم وتنتقل إلى أنحاء الجسم كلها. تستخدم المعالجةُ بالاستهداف، أو المعالجة الهدفيَّة، أدويةً ترتبط بخلايا سرطان الفم، وتعرقل نموَّ وانتشار هذه الخلايا. إن الدواء الأوَّل الذي جرت الموافقةُ عليه لمعالجة سرطان الفم بالاستهداف هو السِّيتوكسيماب. وهو يُعطى عن طريق الوريد عادة. كما قد يكون هناك تجارب سريرية على مرضى سرطان الفم أيضاً. وتقوم هذه التجارب السريرية باختبار معالجات وطرق طبِّية جديدة. يمكن أن يؤدِّي سرطانُ الفم وعلاجه إلى مشاكل صحِّية أخرى. ولذلك، من المهمِّ أن يتلقَّى المريض رعاية داعمة قبل وفي أثناء وبعد معالجة السرطان. وتهدف الرعايةُ الداعمة إلى تسكين الألم والسيطرة على الأعراض الأخرى، والتخفيف من الآثار الجانبية للمعالجة، ومساعدة المريض من الناحية النفسية. إذا أصبح لدى المريض صعوبةٌ في البلع، يمكن لاختصاصي التغذية أن يضع للمريض خطَّةً غذائية تلبِّي حاجاته الغذائية. يمكن أن يحتاج بعضُ مرضى سرطان الفم إلى جراحة تجميلية أو ترميمية لإعادة بناء العظام أو الانسجة في الفم. قد يحتاج المريضُ إلى تأهيل أيضاً. وفي التأهيل، يعلِّم اختصاصي الرعاية الصحية المريضَ كيف يدرِّب ويقوِّي العضلات في المناطق المتضرِّرة. وهذا ما يساعد المريض على استعادة القدرة على التكلُّم والأكل والمضغ. من المهم لمريض سرطان الفم أن يلتزمَ بمواعيده مع الطبيب من أجل المتابعة، فالطبيبُ يراقب أيَّةَ علامة من علامات عودة السرطان مجدَّداً.
الخلاصة
سرطانُ الفم هو السرطان الذي يصيب أيَّ جزء من جوف الفم، بما في ذلك الفم والشفتان، أو البلعوم الفموي وهو الجزءُ من البلعوم الذي يشكِّل الجدار الخلفي للفم. سرطان الفم هو نوعٌ شائع كثيراً، ولاسَّيما عند الرجال. يُصاب حوالي ستة أشخاص من بين كل 100 ألف شخص بسرطان الفم كلَّ سنة في أنحاء العالم. إن أهم سبل الوقاية من سرطان الفم هي الامتناعُ عن التدخين وعدم استهلاك منتجات التبغ وعدم تناول الكحول. كلما أمكن اكتشافُ سرطان الفم ومعالجته باكراً، كانت فرصُ نجاح المعالجة أكبر. ويمكن أن يعالج سرطان الفم بالجراحة أو بالمعالجة الشعاعية أو الكيميائية أو عن طريق المعالجة بالاستهداف أو بالجمع بين اثنتين أو أكثر من هذه المعالجات.