ن جانبها وتكون عرضة للإصابة أثناء كسور هذه العظمة.
من الناحية التشريحية
تقع عظمة الترقوه (clavicle) في المنطقة الأمامية والعلوية من القفص الصدري على الناحية اليمنى والناحية اليسرى. وهذه العظمة سواء كانت في الناحية اليمنى أو اليسرى كل واحدة منهما تأخذ حرف إس بالإنجلزي (S) وهذه العظمة تصل عظمة القص (sternum) بعظمة الكتف. عظمة القص هي العظمة الموجودة في الجزء العلوي والأمامي في منتصف القفص الصدري تحت منطقة العنق تماماً. وهي تتصل بعظمة الترقوة ومن ثم بعد ذلك عظمة الترقوة تصلها بعظام الكتف. والمهم في الموضوع من الناحية التشريحية هو أن خلف الترقوة اليمنى وخلف الترقوة اليسرى توجد الأجزاء العليا من الرئة وكذلك تمر خلف كل واحدة منهما الأوعية الدموية الكبيرة التي تنزل من العنق إلى القفص الصدري أو تطلع من القفص الصدري إلى العنق. بالإضافة إلى ذلك فإن الأعصاب التي تخرج من الفتحات الصغيرة في الفقرات العنقية تتجمع لتكون ضفيرة عصبية. تمر هذه الضفيرة خلف منطقة الترقوه أثناء عبورها أمام الكتف لتغذي الذراع والكتف. ولذلك فهذه الأوعية والأغشية والأعصاب المهمة جداً كلها تكون في منطقة خلف الترقوة. والترقوة لكي تقوم بمهامها فهي ترتبط بعظمة القص وعظام الكتف بأربطة قوية جداً(ligaments) توفر دعما وثباتا وأيضاً توفر مرونة وحركة تجعل الترقوة قابلة للحركة مع حركة الكتف. أما من الناحية الأمامية لعظمة الترقوه فهي تقع تحت الجلد مباشرةً (subcutaneous) ولذلك فهي تكون بارزة وواضحة بشكل ظاهر عند الأشخاص ذوي البنية النحيلة وهذا الموقع السطحي يجعلها عرضة للإصابات. وبالإضافة إلى وظيفتها في وصل أجزاء الجسم مع بعضها البعض وفي حماية الجزء العلوي من الرئة والأوعية والشرايين والأعصاب كما ذكرنا سابقاً فإن الترقوة مسؤولة على إسناد الطرف العلوي أثناء حركته ولذلك فإن أي كسر فيها أو خلخلة يؤدي إلى صعوبة في تحريك الكتف والذراع.
أسباب كسور الترقوة ؟
الغالبية العظمة من هذه الكسور تحدث نتيجة إصابة مباشرة (direct trauma) لمنطقة الترقوة كما يحدث أثناء الحوادث المرورية كفانا الله وإياكم شرها أو أثناء إصابة مباشرة نتيجة سقوط جسم ثقيل أو نتيجة ارتطام الترقوة بجسم صلب أو نتيجة السقوط عليه. وفي بعض الأحيان قد تكون الإصابة غير مباشرة (indirect trauma) كأن يسقط الشخص على منطقة الكوع أو على الذراع ويؤدي انتقال الإصابة وقوتها إلى كسر في منطقة الترقوة. أيضاً هذه الكسور تحدث نتيجة الإصابات نتيجة حوادث العنف كفانا الله وإياكم شرها مثل الإصابة بالطلق الناري وغير ذلك. وفي الأطفال تحدث هذه الإصابة نتيجة سقوط أثناء اللعب من مكانٍ عال.
الأعراض والتشخيص
من الطبيعي أن يشعر المريض المصاب بآلام مبرحة وشديدة في المنطقة الأمامية من القفص الصدري إما على الجانب الأيمن أو على الجانب الأيسر اعتماداً على الترقوة التي تم كسرها. بالإضافة إلى ذلك قد يكون هناك جرح أو تهتك في الجلد أو الأنسجة المحيطة بالترقوة ويشتكي المريض من عدم القدرة على رفع الذراع والكتف والشعور بآلام شديدة عند محاولته تحريك الكتف. وفي الحالات التي يصاحبها إصابة للأوردة أو الشرايين أو الأعصاب قد يشتكي المريض من وجود برودة في الذراع المصابة والشعور بضعف وعدم القدرة على تحريك الأصابع أو الشعور بخدر أو تنمل في الأصابع نتيجة الإصابة للأعصاب. وفي بعض الأحيان التي تكون فيها الإصابة شديدة قد تنتقل القوة إلى الرئة وقد تحدث مضاعفات في الرئة تظهر على شكل صعوبة في التنفس لدى المريض المصاب. ويجب التنبيه إلى أن الكثير من حالات كسورالترقوة تكون نتيجة إصابات مرورية أو السقوط من علو ويصاحبها إصابات وكسور في أجزاء أخرى من الجسم مثل الوجه أو الصدر أو القلب أو البطن ولذلك يجب عمل فحص كامل وشامل لهؤلاء المرضى وعدم التركيز على الكسر في الترقوة فقط لكي لا يتم تغاضي وإهمال الكسور الأخرى والإصابات الأخرى التي قد تكون أشد خطورة على الحياة من كسر الترقوة. بعد ذلك يأتي دور الأشعات السينية (x Ray) والتي تبين وجود الكسر في الترقوة وإذا ما كان في منتصف الترقوة أو في الثلث الداخلي أو الثلث الخارجي وإذا ما كانت هناك كسور مصاحبة في عظام الكتف أو عظام القفص الصدري. وفي حال كان هناك شك لوجود إصابة داخلية فإنه يجب عمل أشعات للصدر وللرئتين ولمنطقة الأحشاء الداخلية للتأكد من سلامتها من الإصابات. أما في حال حدوث إصابة للأوعية الدموية فيمكن عمل أشعة صوتية للأوعية الدموية للتأكد من سريان الدم فيها.
العلاج التحفظي غير الجراحي
بعد التأكد من عدم وجود إصابات خطيرة مصاحبة لكسور الترقوة تبدأ الخطة العلاجية والتي قد تكون علاجاً تحفظياً أو علاجاً جراحياً. ففي الحالات التي يكون الكسر فيها بسيطاً ولا يوجد تهتك في الجلد ولا توجد إصابة للأعصاب والأوعية الدموية ولا يوجد تزحزح أو تحرك كبير في الأجزاء المكسورة من الترقوة وأيضاً لا يوجد تأثر في المفاصل التي تقع في نهاية الترقوة الداخلية والخارجية فإنه يمكن اللجوء إلى العلاج التحفظي غير الجراحي. والعلاج التحفظي يتكون من عمل ربطة طبية تشبه حرف ثمانية باللغة الإنجليزية (8) تلتف حول الكتفين وتشدهما إلى الخلف بحيث تضع عظام الترقوة في الشكل الطبيعي. أيضاً يمكن استخدام ربطة طبية ساندة للذراع (arm sling). بالإضافة إلى ذلك يتم صرف الأدوية المسكنة والأدوية المضادة للالتهابات. وبطبيعة الحال فإن المريض يتم نصحه بعدم استخدام اليد والذراع في الناحية المصابة في الفترة التي تلي الإصابة. وتتم بعد ذلك متابعة المريض في العيادات الخارجية وعمل أشعات سينية كل بضعة أيام للتأكد من أن الكسر لازال في حالة جيدة ولم يتزحزح ولم تتحرك العظام من بعضها البعض بشكل كبير. وبعد فترة أربعة إلى ستة أسابيع تكون العظام قد التأمت بشكل جزئي ويمكن للمريض إزالة الربطات الطبية والبدأ بتحريك اليد والذراع وبدأ عمل جلسات علاج طبيعي (physiotherapy) لتقوية عضلات الكتف. كما يمكن بعد ذلك العودة لممارسة الرياضة والأنشطة الطبيعية بجميع أنواعها خلال فترة شهرين إلى ثلاثة شهور من حدوث الكسر في الغالبية العظمى من المرضى.
التدخل الجراحي
يكون التدخل الجراحي ضروريا إذا ما كان الكسر مضاعفاً وإذا كان هناك جرح في الجلد يؤدي إلى منطقة الكسر حيث انه في هذه الحالات يجب تنظيف المنطقة لكي لا تحدث التهابات جرثومية. أيضاً في الحالات التي يكون فيها الكسر متفتتا أو متباعداً بحيث يصبح التئام العظام في وضعها الطبيعي صعباً. أيضاً في الحالات التي يصاحبها خلع في أحد المفاصل التي ترتبط الترقوة بها فإن التدخل الجراحي يكون ضرورياً. كذلك في بعض الحالات التي يتم علاجها تحفظياً لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر ولا يلتئم الكسر ويستمر المريض ببدء الإحساس بالألم والمعاناة عند تحريك الذراع. أيضاًً هناك فئة من المرضى تستدعي تثبيت كسور الترقوة فيها وهم المرضى الذين لديهم إصابات متعددة وكسور متعددة في أنحاء مختلفة من الجسم حيث ان تثبيت الكسر مبكراً يساعد على إعادة تأهيل المرضى ويساعد على قيامهم بجلسات العلاج الطبيعي وعلى اعتماد المريض على الذراع والكتف عند القيام بتأهيل.
كيف يكون التدخل الجراحي
التدخل الجراحي لكسور عظمة الترقوة في الغالبية العظمى من المرضى يكون على شكل تثبيت للعظام المكسورة بعد إعادتها للوضعية الطبيعية وتقريب النهايات المكسورة بين بعضها البعض وبعد ذلك يتم تثبيتها باستخدام شريحة طبية وبراغ طبية (open reduction and internal fixation). والعملية الجراحية عادةً ما يتم إجراؤها تحت تخدير كامل (general anesthesia ) وتستغرق حوالي الساعة أو الساعة والنصف. والعملية هي ليست عملية معقدة نظراً لأن الوصول إلى عظمة الترقوة القريبة من سطح الجسم والتي يغطيها الجلد فقط امر سهل لا يستدعي تحريكا للأنسجة المحيطة بها. وبعد انتهاء العملية والتثبيت يتم أخذ أشعة سينية في غرفة العمليات للتأكد من أن البراغي في وضعية جيدة وأن الكسر تمت إعادته للوضعية الطبيعية. وبعد ذلك تتم خياطة الجلد بطريقة تجميلية أو باستخدام الكليات الطبية. وفي مرحلة ما بعد العملية يتم إعطاء المريض الأدوية المسكنة والمضادات الحيوية لبضعة أيام. كما يتم وضع الذراع في ربطة طبية لمدة أسبوع أو أسبوعين يتمكن بعدها المريض بالقيام ببعض الحركات البسيطة لتمرين وتقوية الكوع والذراع والكتف. وفائدة التدخل الجراحي المبكر هو أن العظام المكسورة يتم تثبيتها تثبيتاً قوياً وجيداً منذ البداية بحيث تختفي الآلام بشكل سريع وبحيث يستطيع المريض تحريك الكتف والذراع بشكل سريع بدون وجود أية آلام وبينما يأخذ الكسر وقته ليلتأم. وعادةً ما يلتئم الكسر خلال ستة إلى ثمانية أسابيع يمكن للمريض بعدها العودة لممارسة النشاط بشكل طبيعي وعمل تمرينات تقوية أشد للعضلات والمفاصل في الكتف والكوع.
فوائد التدخل الجراحي
في الواقع ان التدخل الجراحي له الكثير من الفوائد حيث انه أثناء الجراحة نضمن أن العظام المكسورة قد تمت إعادتها إلى الوضعية الطبيعية بدون أي مسافة بينها وبدون أي تشوه فيها. بالإضافة إلى ذلك فإن عملية التثبيت باستخدام الشريحة الطبية والبراغي الطبية تضمن وجود ثبات قوي وفوري لمنطقة الكسر مما يؤدي إلى إزالة الألم وإلى أن يتمكن المريض من القيام بعملية تحريك للكتف وللكوع ولليد فوراً بعد العملية الجراحية بعد بضعة أيام من اختفاء الألم وبذلك فإنه يتفادى حدوث تصلبات أو تحدد في حركة الكتف والكوع. أيضاً فإن العملية الجراحية نسبة نجاحها في شفاء الكسر تفوق التسعين في المئة وبذلك فإن المريض يضمن بأنه لن يتأخر في العودة إلى ممارسة نشاطاته الاعتيادية بعكس العلاج التحفظي حيث انه في بعض الحالات لا يلتئم الكسر بعد ثلاثة أشهر ويلزم إعادة عمل جراحة بعد ذلك الوقت مما يأخذ وقتاً أطول للشفاء التام والعودة لممارسة الحياة بشكل طبيعي. أيضاً من فوائد الجراحة هي أنها تضمن عدم وجود تشوهات أو بروز في منطقة الترقوة المكسورة. أما بالنسبة للجرح الذي تمت من خلاله العملية فهو عادةً ما تتم خياطته بطريقة تجميلية ولا يترك أثراً كبيراً بعد العملية.