ة بهضم البنكرياس نفسه.
سرطان البنكرياس
التّليُّف الكيسي، وهو اضطِّرابٌ جينيٌّ يؤدي إلى جعل المادة المُخاطية سميكةً لزجةً بحيث تسدَّ الأقنية داخل البنكرياس
يلعب البنكرياس دوراً في الدّاء السكّريِّ أيضاً. وفي هذه الحالة تتوقَّف الخلايا بيتّا في البنكرياس عن إفراز الأنسولين بسبب مهاجمتها من قبل جهاز المناعة الذاتية في الجسم أثناء الإصابة بالنّمط 1 من الدّاء السّكريّ. أما في النّمط 2 من الدّاء السّكّريِّ فإن البنكرياس يفقد القدرة على إفراز كميّاتٍ من الأنسولين تتناسب مع الطّعام الذي يتناوله الإنسان.
مقدمة
مع أن التهاب البنكرياس مرض نادر، فإن آلاف الناس يصابون بالتهاب البنكرياس الحاد كل سنة.
يبدأ التهاب البنكرياس على شكل التهاب البنكرياس الحاد؛ وإذا لم يُعالج هذا المرض فهو يتحول إلى مرض دائم يدعى التهاب البنكرياس المزمن. إن التهاب البنكرياس مرض خطير يُمكن أن يسبب مضاعفات حادة، وقد يؤدي إلى الموت إذا لم يُعالج.
يساعدك هذا البرنامج التعليمي على فهم التهاب البنكرياس الحاد والمزمن وسُبل معالجتهما.
تشريح البنكرياس
البنكرياس غدة كبيرة تقع خلف المعدة.
يُفرز البنكرياس إنزيماتٍ هاضمة تصب في الأمعاء عبر القناة البنكرياسية. إن الإنزيمات الهاضمة تساعد الجسم على هضم الطعام حتى تستطيع الأمعاء امتصاصه.
تتصل القناة البنكرياسية مع القناة الصفراوية الجامعة التي تنقل الصفراء من المرارة والكبد إلى الأمعاء.
إن عُصارة الصفراء والإنزيمات الهاضمة تصل إلى الاثناعشري عن طريق القناة الصفراوية المشتركة. والاثناعشري هو القسم الأول من الأمعاء الدقيقة.
في الأمعاء يجري امتصاص الغذاء المهضوم إلى مجرى الدم.
ينبغي أن يحافظ الجسم على مستوى مناسب من السكر في الدم. إذا زاد مستوى السكر في الدم كثيراً أو انخفض كثيراً فقد يدخل الشخص في حالة الغيبوبة. إن الهرمون الذي يضبط مستوى السكر في الدم هو هرمون الأنسولين. والهرمونات هي مواد في الدم تضبط وظائف الجسم.
يقوم البنكرياس بإنتاج هرمون الأنسولين.
للبنكرياس وظيفتان رئيسيتان:
هضم الطعام الذي نتناوله
تنظيم مستوى السكر في الدم
التهاب البنكرياس
التهاب البنكرياس مرضٌ نادر تُصاب فيه هذه الغدة بالالتهاب.
تبدأ إصابة البنكرياس عندما تبدأ الإنزيمات الهاضمة التي ينتجها البنكرياس بهضم خلايا البنكرياس نفسها.
في الحالات الشديدة من التهاب البنكرياس يُمكن أن تؤدي الإصابة إلى النزف في البنكرياس وإلى تلف كبير في نسيجه، وكذلك إلى إصابته بالعدوى، وإلى تشكُّل كيسات في البنكرياس.
قد يؤدي التهاب البنكرياس إلى دخول الإنزيمات الهاضمة إلى مجرى الدم فتصل إلى القلب والرئتين والكليتين وتسبب المزيد من الضرر لهذه الأعضاء.
ثمة نوعان من التهاب البنكرياس:
التهاب البنكرياس الحاد
التهاب البنكرياس المزمن
يحدث التهاب البنكرياس الحاد فجأة. وقد يكون صاعقاً وشديداً، وقد يكون مهدداً للحياة، فتظهر له مضاعفات كثيرة. ولكن يغلب أن يُشفى عادةً من التهاب البنكرياس الحاد.
يحدث التهاب البنكرياس المزمن إذا تواصل حدوث التلف في البنكرياس بعد شفاء التهاب البنكرياس الحاد. ومن الأمثلة على ذلك حالة التهاب البنكرياس الحاد عند مريض يواصل معاقرة الكحول بعد إصابته. فاستمراره في معاقرة الكحول يؤدي تواصل التلف في البنكرياس.
يسبب التهاب البنكرياس المزمن ألماً شديداً. وهو أيضاً يُؤدي إلى إصابة وظيفة البنكرياس بالضعف، مما يؤدي إلى نقصان وزن المريض وإصابته بالسكري واختلال الهضم.
تتناول الفقرات التالية التهاب البنكرياس الحاد والتهاب البنكرياس المزمن، كلاً على حدة.
التهاب البنكرياس الحاد
تحدث مئات الآلاف من حالات التهاب البنكرياس الحاد في العالم كل سنة. ويحدث التهاب البنكرياس الحاد عندما تصاب غدة البنكرياس بالالتهاب فجأة ثم يتحسن وضعها من جديد.
يعاني بعض المرضى من أكثر من نوبة واحدة من نوبات التهاب البنكرياس الحاد. لكنهم يشفون شفاءً كاملاً بعد كل نوبة.
إن أكثر أسباب التهاب البنكرياس الحاد انتشاراً هي الحُصَيّات الصفراوية ومعاقرة الكحول. كما يُمكن أن ينجُم هذا المرض عن أسباب أخرى مثل استخدام بعض الأدوية، أو عن إصابة البطن برضوض، أو إجراء عملية جراحية في منطقة البطن، أو عن شذوذات في البنكرياس أو الأمعاء.
وفي حالات نادرة، يمكن أن ينجم التهاب البنكرياس الحاد عن العدوى، كما في حالة التهاب الغدة النكفية الذي يسمى النُكاف، كما يعرف أيضا بأبو كَعْب.
ويبدأ التهاب البنكرياس الحاد عادةً بألم في القسم العلوي للبطن يستمر لعدة أيام. وغالباً ما يكون هذا الألم شديداً ومتواصلاً. يمكن أن يصيب الألم منطقة البطن فقط، لكنه قد ينتشر ليصل إلى الظهر وإلى مناطق أخرى من الجسم.
قد يكون الألم في التهاب البنكرياس الحاد مفاجئاً وشديداً. وقد يبدأ الألم خفيفاً، لكنه يزداد شدة بعد تناول الطعام. ويمكن أن تنتفخ البطن وتصبح شديدة الحساسية.
يظهر على مرضى التهاب البنكرياس الحاد المرض و التعب الشديد. وقد يكون من بين الأعراض الأخرى لالتهاب البنكرياس الحاد:
الغثيان
التقيؤ
الحُمى
تسرُّع النبض
وتكون عشرون بالمئة من حالات التهاب البنكرياس تقريباً شديدة. فقد يعاني المريض من الجَفاف ومن انخفاض الضغط، إلى جانب الإصابة بفشل رئوي أو كلوي أو قلبي.
وفي أشد الحالات وخامة من التهاب البنكرياس الحاد قد يحدث نزف داخل البنكرياس، وقد يؤدي ذلك النزف إلى إصابة المريض بصدمة؛ وقد يؤدي إلى الموت أحياناً.
تشخيص التهاب البنكرياس الحاد ومعالجته
خلال النوبات الحادة من التهاب البنكرياس، يكون مستوى الإنزيمات الهاضمة في الدم مرتفعاً. وقد ترتفع مستويات بعض العناصر الكيماوية الهامة في الدم مثل الكالسيوم والمغنيزيوم والصوديوم والبوتاسيوم والبايكربونات.
وقد تظهر في دم مريض التهاب البنكرياس الحاد مستويات مرتفعة من السكر والشحوم (الليبيدات أو الدهون). إن هذه التغيرات تساعد الطبيب على تشخيص التهاب البنكرياس. لكن مستويات هذه المواد في الدم تعود عادةً إلى حالتها الطبيعية بعد شفاء المريض.
يعتمد علاج التهاب البنكرياس الحاد على مدى شدة الهجمة الالتهابية. وإذا لم تحدث مضاعفات فإن التهاب البنكرياس الحاد يتحسن تلقائياً بالمعالجة.
ويدخل المصاب بالتهاب البنكرياس عادة إلى المستشفى عند الإصابة بالهجمة الالتهابية، حيث يعطيه الطبيب السوائل الوريدية حتى يستعيد المصاب ما فقده من حجم الدم. كما يمكن علاج الكليتين بالغسيل الكلوي ويمكن علاج الرئتين بجهاز التنفس الاصطناعي لحماية المريض من حدوث الفشل في أعضائه.
وقد لا يستطيع المصاب بالتهاب البنكرياس التغلب على الإقياء، فيصبح من الضروري وضع أنبوب يمر عبر أنفه ليصل إلى معدته لإزالة ما قد يجمع بها من السوائل ومن الهواء. أما في الحالات الخفيفة، فيمكن أن يمـتـنع المريض عن الطعام ثلاثة أيام أو أربعة مع إعطائه السوائل والمسكنات عبر الوريد.
تستمر هجمة التهاب البنكرياس الحاد بضعة أيام فقط في الأحوال العادية إلا إذا أدت الحُصيَّات الصفراوية إلى انسداد القناة البنكرياسية والقناة الجامعة أو المشتركة. وعندها لابد من استخراج هذه الحُصيّات باستعمال المنظار.
وتُستخرج الحُصيّات الصفراوية باستخدام منظار يدخل عبر الفم ليصل إلى القناة الصفراوية الجامعة. ويُطلق على هذا الإجراء "تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياسية بالتنظير بالطريق الراجع" أو (ERCP).
وفي الحالات الشديدة من التهاب البنكرياس، قد يصبح من الضروري تغذية المصاب بإعطاء السوائل عبر الوريد لمدة تمتد من ثلاثة إلى ستة أسابيع ريثما يُشفى البنكرياس.
إذا ظهرت أعراض العدوى يُعطى المصاب المضادات الحيوية.
إذا حدثت المضاعفات مثل العدوى وتشكّل الكِيْسَات والنزف قد يُضطر الطبيب إلى إجراء عملية جراحية للمريض من أجل:
استئصال المرارة
استبعاد إمكانية وجود مشاكل بطنية يمكن أن تشبه أعراضها حالة التهاب البنكرياس
استئصال الكيسات من البنكرياس
استئصال الأنسجة الميتة
بعد اختفاء جميع أعراض التهاب البنكرياس الحاد، يعمل الطبيب على التعرف على الأسباب التي أدت إلى التهاب البنكرياس، ويحاول منع حدوث هجمات أخرى. وقد يكون السبب واضحاً في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى يتطلب الأمر إجراء المزيد من الاختبارات أحياناً.
التهاب البنكرياس المزمن
هناك أسباب كثيرة لالتهاب البنكرياس المزمن، ولكن سبعين أو ثمانين في المئة من حالات التهاب البنكرياس المزمن تكون ناجمة عن معاقرة الكحول بكمية كبيرة ولفترة طويلة. وهو مرض منتشر عند الرجال أكثر من انتشاره عند النساء كما أنه يصيب المريض عندما يكون عمره من ثلاثين إلى أربعين سنة.
يمكن أن يظهر التهاب البنكرياس المزمن بعد هجمة حادة واحدة، ولاسيما إذا حدث تلف بالأقنية البنكرياسية. وقد يبقى التلف الذي تسببه معاقرة الكحول للبنكرياس عدة سنوات دون أن يعطي أعراضاً ظاهرة، ثم يُصاب المريض بهجمة التهاب البنكرياس على نحو مفاجئ.
وهناك أشكال وراثية من التهاب البنكرياس المزمن. وهي ناجمة عن خلل في إنزيمات البنكرياس يؤدي إلى تآكله بفعل هذه الإنزيمات.
في الحالات المبكرة من التهاب البنكرياس، قد لا يستطيع الطبيب تحديد ما إذا كان المريض مصاباً بالتهاب البنكرياس الحاد أو المزمن، فقد تكون الأعراض واحدة في هذه المرحلة. يعاني مرضى التهاب البنكرياس المزمن ثلاثة أنواع من المشاكل:
الألم
نقص الوزن بسبب سوء امتصاص الطعام
السكري
يعاني أكثر المصابين بالتهاب البنكرياس من الألم، لكن بعض المرضى لا يصابون بأي ألم. يُمكن أن يُصاب المريض بألم مستمر في البطن والظهر وقد يصل الألم أحياناً إلى درجة تجعل المريض عاجزاً.
في بعض حالات التهاب البنكرياس المزمن يزول الألم مع تفاقم الحالة. يظن الأطباء أن السبب في هذا الأمر هو توقف البنكرياس عن إنتاج الإنزيمات.
غالباً ما يتراجع وزن المصاب بالتهاب البنكرياس المزمن حتى لو كانت شهيته وعاداته الغذائية طبيعية. ويعود تراجع الوزن لعدم إنتاج جسم المصاب لإنزيمات بنكرياسية كافية لتفكيك المركبّات الغذائية مما يمنع الامتصاص الطبيعي للعناصر الغذائية.
إن سوء الهضم يؤدي إلى خروج الدهون والبروتينات والسكريات مع البراز. وقد يصاب المريض في هذه المرحلة بالسكري إذا أصيبت الخلايا التي تنتج الأنسولين بالتلف.
تشخيص التهاب البنكرياس المزمن ومعالجته
إن تشخيص التهاب البنكرياس المزمن أمر صعب، لكن هنالك عدداً من التقنيات الطبية المتطورة المستخدمة لهذه الغاية. كما أن اختبار وظائف البنكرياس من خلال تحليل الدم يساعد الطبيب على معرفة ما إذا كان البنكرياس مستمراً في إنتاج كمية كافية من الإنزيمات الهاضمة.
يمكن أن يرى الطبيب تشوهات في البنكرياس باستخدام تقنيات متطورة تسمح برؤية صورة الأعضاء الداخلية في الجسم. ومن هذه التقنيات:
التصوير بالأمواج فوق الصوتية
تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياسية بالتنظير بالطريق الراجع (ERCP )
التصوير الطبقي المحوري
عند إصابة المريض بسوء الامتصاص والسكري في المراحل المتقدمة من التهاب البنكرياس المزمن، يُمكن أن يلجأ الطبيب إلى اختبارات على البراز والبول والدم للتوصل إلى تشخيص الحالة.
يعالج التهاب البنكرياس المزمن بتسكين الألم وبتدبير مشاكل التغذية و السكري عند المريض.
يمكن للمريض أن يُقلِّل كمية الدسم والبروتين التي تُفقَد مع البراز من خلال تقليل الدسم في الطعام وتناول أقراص تحوي الإنزيمات البنكرياسية، فمن شأن هذا أن يحسن حالة التغذية ويزيد وزن المريض.
في بعض الأحيان يُمكن إعطاء الأنسولين وغيره من الأدوية من أجل ضبط سكر الدم.
في بعض حالات التهاب البنكرياس المزمن، يُمكن استخدام الجراحة لتسكين الألم من خلال نزح محتويات القناة البنكرياسية المتضخمة. كما يتم أحياناً استئصال جزء من البنكرياس لتسكين الألم.
خلاصة
إن التهاب البنكرياس يصيب غدة بالغة الأهمية في جسم الإنسان، وهي البنكرياس. يمكن أن يبدأ المرض على شكل التهاب حاد ثم يتحول إلى التهاب مزمن.
بفضل التطورات في مجال الطب، هناك خيارات عديدة لمعالجة الهجمات المؤلمة والوقاية منها. إذا لم يعالج التهاب البنكرياس فقد يشكل خطراً على حياة المريض.
يعتمد العلاج أيضاً على السلوك الصحي للمريض مثل تجنب الكحول والتقليل من تناول الأطعمة الدسمة.
من خلال المعالجة المناسبة، يمكن لمرضى التهاب البنكرياس أن يعيشوا حياة صحيّة وأن يتجنبوا عودة الألم والمضاعفات التي يمكن أن ترافقه!