قسطرة، وبعد وضع الأنبوب يتم إدخال سلك إرشادي معدني من خلال هذا الأنبوب ليشق طريقه بحذر للوعاء الدموي في منطقة القلب التي تتطلب التشخيص أو العلاج ويُرى هذا السلك بواسطة الأشعة السينية المتواصلة، وبعد ذلك يتم إدخال القسطرة لتشق طريقها بواسطة هذا السلك الإرشادي حتى تصل إلى المكان المطلوب ويتم بعد ذلك إجراء المطلوب من هذه القسطرة حسب حالة المريض وتوصيات الطبيب المعالج، وفور الانتهاء من الإجراءات الضرورية يتم إخراج القسطرة ثم السلك الإرشادي، وبعد الانتهاء من إجراء القسطرة وإزالة الأنبوب يتم الضغط بضمادة نظيفة على الجرح لإيقاف النزيف لبضع دقائق ويوضع بعدها ضمادة لاصقة على المنطقة ويُوصى المريض بعدم تحريك منطقة القسطرة، وهناك نوعان أساسيان للقسطرة القلبية وهما التشخيصي الاستكشافي والعلاجي ويتم إجراؤها حسب حالة المريض.
والقسطرة التشخيصية هي عبارة عن إجراء تشخيصي لمعرفة المشكلة القلبية عن قرب واتخاذ القرار الأمثل لعلاج هذه المشكلة ومن الأمثلة عليها قسطرة تصوير الشرايين التاجية وهي عبارة عن حقن صبغة طبية في الشرايين التاجية وتصويرها تحت الأشعة السينية بدقة عالية لمعرفة أماكن التضيّق والانسداد فيها، وقسطرة البطين الأيسر وهي عبارة عن ضخ صبغة قي البطين الأيسر بسرعة عالية في وقت قصير لتصوير حركة البطين وقوة ضخه للدم، وكذلك قسطرة كهربائية القلب وهي إجراء تشخيصي يتم فيه إدخال قسطرة كهربائية إلى الجهة اليمنى من القلب وذلك بهدف قياس تخطيط القلب من داخل القلب وعن قرب وقياس الذبذبات الكهربائية الصادرة عن نظام كهربائية القلب والتي تمكننا من اكتشاف أي كهربائية زائدة في القلب والتي تكون سبباً في تولد خفقان القلب.
أما من الأمثلة على القسطرة العلاجية فهناك قسطرة توسيع وفتح الشرايين وهي عبارة عن قسطرة علاجية لفتح وتوسيع التضيّقات في الشرايين التاجية للقلب بواسطة بالونات صغيرة ووضع دعّامات معدنية دقيقة جداً وصغيرة في المكان المتضيّق لتحافظ على تدفق الدم لعضلة القلب بالكمية المطلوبة والكافية، وهناك قسطرة الكيّ الحراري للقلب وهي إجراء علاجي يتم فيه إدخال قسطرة كهربائية تحتوي على رأس معدني صغير جداً يقوم بكيّ الأماكن التي تسبب الكهربائية الزائدة في القلب. ويتم حديثاً استخدام القسطرة القلبية لتركيب صمامات القلب وإصلاح ارتجاع وتهريب الصمامات القلبية الأمر الذي كان لا يتم في الماضي إلا بواسطة عمليات القلب المفتوح فقط.
والقسطرة القلبية ليست فقط للكبار فهناك العديد من أنواع القسطرة التشخيصية والعلاجية الخاصة بالأطفال وهي مختلفة تماماً عن الكبار حيث ان الأطفال الذين يحتاجونها هم الذين يعانون من أمراض قلب خلقية وتكون القسطرة إما للتشخيص أو للعلاج ومن الأمثلة على قسطرة الأطفال هناك قسطرة سد ثقب في القلب وهي إجراء علاجي يُستخدم لسد الثقوب القلبية البطينية أو الأذينية، وقسطرة قياس الضغط الرئوي وتُستخدم لقياس الضغط في الشريان الرئوي وتعتبر إجراءً تشخيصياً، وكذلك قسطرة تصوير التضيّقات في الشرايين والصمامات والفتحات القلبية وهي تستخدم لتشخيص أمراض القلب الخلقية وحدّتها وتحديد الحل والعلاج الأمثل لها حسب درجة الحدة.
ويحتاج المريض لإجراء قسطرة قلبية في حالة وجود انسداد بالأوعية الدموية والحاجة للعلاج سواء بوضع دعامة أو تقويم للأوعية أو جراحة تحويلية، وكذلك لتقييم وظيفة ضخ القلب وقياس الضغط بداخله وبداخل الأوعية الدموية، ولتحديد ما إذا كانت هناك أمراض قلب خلقية وتقييم درجتها وفي بعض الأحيان قد تُستخدم القسطرة لتصحيح هذه الأمراض، كما يتم تقييم التدفق الدموي من خلال القلب بعد إجراء جراحة وتحديد ما إذا كان هناك مرض ما في صمامات القلب ولمعرفة مدى الحاجة لإجراء جراحة وكذلك من أجل أخذ عينة من أنسجة القلب.
ولكن كيف يتم تحضير المريض؟ حيث انه لا بد للمريض من اتخاذ تدابير عديدة قبل إجراء القسطرة كالامتناع عن تناول الطعام والشراب بعد منتصف الليل، وإجراء فحوص دم مخبرية، والتوقف عن تناول بعض مميّعات الدم كدواء «الوارفارين» مع الاستمرار في تناول مانعات التجلط كدواء «الأسبرين»، وحلق الشعر في موضع دخول القسطرة إذا طُلب ذلك، والتخفيف من تخوّف المريض واضطرابه بإعطاء أدوية مهدئة لمساعدته على الاسترخاء والراحة.ويجب على المريض الالتزام بعدم الحركة أثناء القسطرة، ويستغرق إجراء القسطرة القلبية ما بين ساعة إلى ساعتين وذلك حسب حالة المريض، وقد يعطي الطبيب المعالج موسّعات للأوردة والشرايين للمريض أثناء إجراء القسطرة.
وللعلم فقد يشعر المريض بخفقان في القلب خصوصاً عند دخول القسطرة إلى البطين الأيسر أو قد يشعر بسخونة وصداع خاصة عند حقن المادة الصبغية وهذا الأمر طبيعي.
وأهم إجراءات العناية بعد القيام بالقسطرة تشمل بقاء المريض في راحة تامة في السرير، ومراقبة موضع دخول القسطرة لاحتمالية حصول نزيف أو تجمع دموي لا سمح الله، والقيام بجسّ النبض في أسفل الطرف لموضع دخول القسطرة وكذلك جس ّ حرارة الطرف، والإبلاغ عن أية أعراض مثل التنميل وعدم القدرة على تحريك أصابع الطرف، ومراقبة العلامات الحيوية (الضغط، النبض، التنفس) كل 15 دقيقة ثم كل ساعتين، واكتشاف أي اضطراب في دقات القلب ومعالجته، وكذلك تثبيت الطرف لفترة من الوقت وعدم تحريكه لتلافي حدوث نزيف.
وختاماً أرجو أن أكون قد وفقت في شرح مختصر للقسطرة القلبية متمنياً للجميع الصحة والسلامة.
* مركز الملك فيصل للقلب