ل على رعاية طبية متكررة ويصابون بالإحباط دون التشخيص.
وفي موازاة التقدم الذي حققه العلم في القرن الأخير اختلف تدريجيًا المفهوم الذي يُعتقد بأن للمرض مسببًا واحدًا إلى مفهوم يُعتقد بتعدد الأسباب التي تجتمع معًا فتسبب مرضًا معينًا.
ومن الأسئلة التي تمّ طرحها في هذا المجال:
ما هي المتغيرات التي تسبب ظهور مرض ما؟
ما هي العلاقة المتبادلة بين المتغيرات النفسية والاجتماعية مثلًا وبين المرض؟
ما الذي يؤثر على ظهور مرض محدد لدى شخص معين دون آخر؟
أعراض الأمراض النفسية الجسدية
ربما لم تفكر كثيرًا في الطرق الفريدة التي يتجلى بها التوتر جسديًا، ولكن قد يكون من المفيد أن تتعلم كيفية التعرف عندما تكون تحت ضغط شديد فبمجرد تحديد العلامات يمكنك العمل على تقليل تأثير التوتر على صحتك، وتشمل أبرز الأعراض ما يأتي:
1. الأعراض حسب الجنس
قد تختلف الأعراض بناءً على ما إذا كنت ذكرًا أم أنثى، فعلى سبيل المثال غالبًا تُعاني النساء من أعراض، مثل: التعب على الرغم من حصولهن على قسط كافٍ من النوم، والتهيج، وانتفاخ البطن، وتغيرات في فترة الحيض.
من ناحية أخرى من المرجح أن تشمل علامات وأعراض الإجهاد لدى الرجال ألم الصدر، وزيادة ضغط الدم، والتغيرات في الدافع الجنسي.
2. الأعراض حسب العمر
تختلف أعراض الإجهاد أيضًا حسب العمر، في الآتي التوضيح:
أعراض في مرحلة الطفولة
حيث غالبًا يُظهر الأطفال الإجهاد من خلال أجسادهم لأنهم لم يطوروا بعد اللغة التي يحتاجونها للتعبير عن شعورهم، فعلى سبيل المثال قد يُعاني الطفل الذي يواجه صعوبة في المدرسة من آلام متكررة في المعدة وقد يتم إرساله إلى المنزل أو طلب البقاء في المنزل.
أعراض مرحلة المراهقة
يمكن أن يكون الإجهاد في سنوات المراهقة شديدًا بشكل خاص وخاصةً خلال فترات التكيف الاجتماعي الكبير والتحولات الهرمونية، وفي بعض الأحيان قد يتم تجاهل علامات التوتر لدى الأشخاص في هذه الفئة العمرية أو تُنسب إلى قلق المراهقين والذي هو الحقيقة علامة على اكتئاب المراهقين.
أعراض كبار السن
كبار السن أيضًا عرضة للاكتئاب؛ لأنهم غالبًا يواجهون العديد من العوامل المركبة، مثل: العزلة، والفقد، والحزن، والمشاكل الصحية المزمنة أو الخطيرة.
إذا كنت ترعى شخصًا محبوبًا متقدمًا في السن، فتأكد من معرفة علامات الاكتئاب لدى كبار السن.
3. أعراض أخرى
وتشمل أبرز الأعراض ما يأتي:
شعور غريب بالمعدة.
تسارع في دقات القلب.
تعرق في راحتي اليدين.
توتر العضلات.
أسباب وعوامل خطر الأمراض النفسية الجسدية
في الآتي توضيح لأبرز أسباب وعوامل الخطر:
1. أسباب الأمراض النفسية الجسدية
وتشمل ما يأتي:
الأحداث الحياتية المختلفة، مثل: الحزن الشديد، أو الطلاق، أو الفصل من العمل.
تغيّرات في عمليات النقل العصبي وعلاقتها بالتغيرات التي تطرأ في القلب والأوعية الدموية، وكذلك في الجهاز الهضمي والجلد.
وجود مسبّبات إمْراضية، مثل: الفيروسات، والجراثيم، والملوثات البيئية.
2. عوامل خطر الإصابة بالأمراض النفسية الجسدية
وتشمل ما يأتي:
أمراض الجهاز القلبيّ الوعائيّ
تُعد أمراض القلب أكثر الأمراض إماتةً في الدول المتقدمة، حيث أنه نحو الرُبع من مرضى احتشاء عضلة القلب يصابون بالاكتئاب، والذي يتسبب بما يأتي:
زيادة خطر الإصابة المتكررة باحتشاء عضلة القلب.
تشويش عمل جهاز الغدد الصمّ مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكاتيكولامينات (Catecholamines) وخلل في عملية استقلاب (Metabolism) الدهون. زيادة تراكم صُفيحات الدم وإعاقة عمل الجهاز العصبي المستقل.
إن الأشخاص الذين شخصيتهم تتمتع بقلة الصبر، والتسرّع، والعدوانية بشكل خاص هم معرضون بشكل كبير للإصابة بمرض القلب التاجي (Coronary heart disease).
أمراض الجهاز الهضميّ
إن الجهاز الهضمي شديد التأثر بحالات الكَرْب والإجهاد والحساسية فعلى سبيل المثال هناك علاقة وثيقة بين الاضطرابات النفسية ومنها اضطرابات الاكتئاب والقلق على وجه الخصوص وبين ظهور متلازمة القولون المتهيّج.
كما وُجدت علاقة متينة بين إفراز أحماض المعدة والببسين وبين حالات التوتر والكَرْب والإجهاد الحاد، ففي حالات الكرب والإجهاد المزمنة يطرأ هبوط في نشاط الجهاز المناعي مما يرفع مستوى الحساسية لظهور التقرح.
حيث تبين أن ثمة علاقة سببية بينه وبين الإصابة بعدوى جرثومة المَلْوِيَّة البَوَّابية (Helicobacter pylori)، كما وُجِدَت لدى بعض المرضى المصابين بالتهاب القولون التقرّحي (Ulcerative colitis) النازف مزايا الشخصية الوسواسية القهرية، فيما وُجِد اضطراب الهلع لدى 23% من المرضى المصابين بداء كرون قبل ظهور أعراض المرض.
أمراض الجهاز التنفّسيّ
يصاب نحو 30% من مرضى الربو باضطراب القلق حيث أن الخوف والقلق يسببان ضيق النفس مما يسرّع ظهور نوبات الربو، كما أن للقلق الشديد علاقة مع ازدياد حالات الاستشفاء والوفاة.
وقد وُجد أن الذين يصابون بالقلق الشديد، والتقلب المزاجي العاطفي، والحساسية تجاه الرفض والنفور وصعوبة الاستمرار في أوضاع صعبة وقاسية يميلون إلى تناول كميات أكبر من الأدوية، مثل: الستيرويدات والموسّعات القصبيّة، كما يحتاجون إلى الاستشفاء لفترات طويلة ومتواصلة أكثر مما تبيّنه اختبارات التنفّس.
أمراض جهاز الغدد الصمّ
لُوحظ لدى مرضى متلازمة كوشينغ التي تتميز بفرط إفراز هُرمون الكورتيزول (Cortisol) انتشار اضطرابات نفسية مختلفة، وذلك بدءًا بالاكتئاب الحاد وحتى الذُهان النفسي.
تزيد اضطرابات الغدة الدرقية من مخاطر نشوء مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية ومنها: الهلع، والقلق العام، والاكتئاب الكبير، ورُهاب المجتمع، والوسواس القهري.
الأمراض الجلدية
المرضى المصابون بالالتهاب الجلدي العصبي (Neurodermatitis) والذي هو مرض جلديٌ مزمنٌ يتَّسم بالحكة والالتهاب معرضون للإصابة بالاكتئاب والقلق، اللذين يفاقمان حدة الأعراض والشعور بالألم.
أما مرض الصدفيّة والذي هو مرض جلديّ مزمنٌ أيضًا فقد يُسبب الكَرْب والإجهاد، وقد تبين أن هؤلاء المرضى يصابون كثيرًا بالاكتئاب، كما قد وجد أن حدة الإصابات أو البقع تتناسب بصورة طردية مع الاكتئاب، والأفكار، والميول الانتحاريّة.
مضاعفات الأمراض النفسية الجسدية
تشمل أبرز المضاعفات ما يأتي:
صحة سيئة.
مشاكل في الأداء الوظيفي في الحياة اليومية، بما في ذلك الإعاقة الجسدية.
مشاكل في العلاقات.
مشاكل في العمل أو البطالة.
اضطرابات الصحة العقلية الأخرى، مثل: القلق، والاكتئاب، واضطرابات الشخصية.
زيادة مخاطر الانتحار المرتبطة بالاكتئاب.
مشاكل مالية بسبب زيارات الرعاية الصحية المفرطة.
تشخيص الأمراض النفسية الجسدية
يتم التشخيص عن طريق ما يأتي:
يمكن لمقدم الرعاية الصحية البدء في تشخيص الاضطراب النفسي الجسدي بناءً على:
تاريخ الزيارات لمقدمي الرعاية الصحية.
اختبار بدني.
سلسلة من النتائج السلبية في الاختبارات.
يجب أن يكون لدى الشخص لتشخيص اضطراب الأعراض الجسدية ما يأتي:
واحد أو أكثر من الأعراض المزعجة أو المضطربة للحياة اليومية.
تاريخ من هذه الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل.
استمرار الأفكار أو القلق أو القلق بشأن الأعراض.
علاج الأمراض النفسية الجسدية
لقد أدى التطور الذي حققه الطب النفسي والجسدي الذي يُساعد في فهم مركبات نشوء وتطور العديد من الأمراض إلى تطوير رؤية علاجية متعددة الأبعاد، وفقًا لهذه الرؤية ينبغي اعتبار جميع الأمراض بأنها نفسية جسدية، ومن هنا تنبع أهمية المعالجة الشمولية، وتشمل ما يأتي:
1. العلاج الدوائي بالأدوية النفسانية
مثل: الأدوية المضادة للقلق، ومضادات الاكتئاب، ومضادة الذُّهان بجرعات قليلة وعند الحاجة وتحت إشراف الطبيب، ويوصى بتناول هذه الأدوية فقط بعد التشخيص النفسي كما يجب أن نتذكر أن هذه العلاجات تساعد في معالجة أعراض المرض فقط ولمدى قصير.
2. العلاج السلوكي
وتشمل الإرخاء، والارتجاع البيولوجي، وحتى التنويم حيث يمكن للمريض أن يكتسب من خلالها آليات وأدوات تساعده على تمييز حالات الضغط النفسي والقلق وكيفية مواجهتها.
3. معالجة المسبب الجسدي
في حال كان المرض النفسي ناتجًا عن مرض جسدي معين عندها يجب استشارة الطبيب المختص والبدء في تشخيص وعلاج المرض الجسدي؛ فهذا سيساعد المريض بتخطي الأزمة النفسية التي يمر بها.
الوقاية من الأمراض النفسية الجسدية
تشمل أبرز طرق الوقاية ما يأتي:
إذا كنت تعاني من مشاكل القلق أو الاكتئاب فاطلب المساعدة المتخصصة في أسرع وقت ممكن.
تعلم كيف تتعرف على الوقت الذي تشعر فيه بالتوتر، وكيف يؤثر ذلك على جسمك، وتدرب بانتظام على التحكم بالإجهاد وتقنيات الاسترخاء.
إذا كنت تعتقد أنك مصاب باضطراب الأعراض الجسدية فاحصل على العلاج مبكرًا للمساعدة في منع الأعراض من التدهور والإضرار بنوعية حياتك.
التزم بخطة العلاج الخاصة بك للمساعدة في منع الانتكاسات أو تفاقم الأعراض.