عملاً إصلاحياً من قبل طبيب الأسنان.
النخر السني:
تعد النخور السنية من أكثر الأمراض المنتشرة عند الإنسان – وخاصة المتحضر – فهي تستحق المكان الرئيسي في أي بحث للأمراض الفموية، وأول مظاهره هو انخساف الكلس وانحلاله من النسج السنية الصلبة وهضم المواد العضوية السنية.
تصيب هذه الافة العروق البشرية كافة من مختلف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية وتحدث في أي عمر دون استثناء الجنس. ولايزال السبب الأساسي لهذه الافة يدور ضمن مناقشات، ولكن العوامل التي تؤدي إليه أصبحت معروفة والالية المقبولة اليوم قد انتشرت وعرفت بشكل واسع.
العوامل المهيئة للإصابة بالنخر:
تعد الأجناس البشرية من أكثر الكائنات الحية على الإطلاق عرضة للنخور السنية، ويعزى ذلك إلى شكل الأسنان وتركيبها بالإضافة إلى دور الطعام، إذ أن تطور المدنية الحديثة يجعل الأسنان أكثر قابلية للإصابة بالنخور. وتستحق الوراثة أن يلفت النظر إليها لما لها من تأثير في قابلية الأسنان واستعدادها للإصابة بالنخور أو المناعة تجاهها.
كما يلعب الشكل التشريحي للسن دوراً في تحديد قابلية السن تجاه النخر، وعلى سبيل المثال فالأسنان ذات الميازيب العميقة والشقوق والوهاد هي أكثر عرضةً للنخر من غيرها، والأمر الأكثر أهمية هو الصحة الفموية السيئة إذ أن إهمال صحة الفم يؤدي إلى تشكل لويحات رقيقة مليئة بالجراثيم على سطوح الأسنان مما يعرضها للنخر بنسبة عالية، ولا ننسى ما اللعاب وما يحويه من مواد عضوية وغير عضوية وعوامل جرثومية، لكميته ولزوجته ودرجة حموضته وقلويته من دور هام في بدء هذه الافة.
الأعراض الحسية للنخر:
عادة وفي مراحل النخر الأولى، عندما يكون النخر لايزال في طبقة الميناء أي سطحياً لا يوجد أية الام نظراً لخلو الميناء من الأعصاب، ولكن تبدأ الالام في مرحلة متقدمة عندما يصل النخر إلى منطقة العاج، نظراً لاحتوائها على نهايات عصبية، يكون الألم في بداية الأمر خفيفاً ومثاراً بواسطة تناول الحلويات أو الحوامض، أو بسبب تناول أشربة ساخنة أو باردة. وأثناء سير عملية النخر ربما يحدث طعم غير مستحب في الفم ورائحة كريهة، مع العلم أنه في بعض الأحيان يصعب تمييز السن المصابة.
الية حدوث النخر – أسبابه:
بات من المسلم به في وقتنا الراهن، أن الية حدوث النخر معروفة، وفي الحقيقة هنالك عوامل خارجية وأخرى داخلية تلعب دوراً في تسوس الأسنان. والعملية في جوهرها هي نقص تمعدن النسج الصلبة للسن (نقص في الأملاح المعدنية) أو تحللها. وبحسب معرفتنا فإن تسوس الأسنان عملية معقدة تتظافر فيها عدة مسببات لتخريب النسيج السني في نهاية الأمر، أو بمعنى اخر لابد من وجود أربعة عوامل مهمة (عوامل أولية) لحدوث النخر، هذه العوامل ينبغي أن تكون مجتمعة في انٍ واحد وهي:
1. سطح السن.
2. الغذاء ونتاج تحلله.
3. العضويات الدقيقة: وهي التي تعيش على نتاج تحلل الأطعمة، وهما باجتماعهما (العضويات والطعام) يشكلان اللويحة الجرثومية التي تلعب الدور الأهم في تشكيل النخر.
4. الزمن: كلما قصر الزمن الفاصل بين الوجبات الطعامية دون القيام بالتنظيف اللازم، كلما كان حدوث التحلل الطعامي من قبل البكتريا أسرع، وبالتالي أدت إلى حصول ضرر في النسج السنية الصلبة بسبب الحمض الناتج عن تخريب السكاكر الموجودة في الطعام.
إضافة إلى العوامل الأربعة (الأولية) السابقة نضيف عوامل ثانوية مثل:
العمر – الجنس – الصفات الوراثية – شكل السن – المناعة التي يؤمنها اللعاب – التوزع الجغرافي (أماكن السكن) عوامل اجتماعية واقتصادية... الخ.
تشخيص النخر:
تبدو على السن المصابة بالنخر بقع طبشورية اللون في منطقة الميناء تخفي تحتها افة عميقة، وتعد هذه البقع الطبشورية من العلامات المبكرة لنخر السن، حيث لا يلاحظ في هذه المرحلة دليل واضح للنخر. يتقدم النخر عادة بسرعة عند الأطفال فيؤدي إلى اضطراب في لب السن، (عصبه) بشكل باكر.
تظهر المنطقة النخرة كبقعة سوداء ذات معالم غير منتظمة تبعاً لاتجاه انتشار النخر في الميناء أو أعمق في العاج.
يشعر الطبيب الفاحص أثناء إمرار رأس مسبر فولاذي رفيع فوق سطح الميناء النخر أنه ليس أملساً بل خشناً بنياً أو أسود اللون، وهذا ينجم عن ترسب المواد العضوية المشتقة من السوائل الفموية، أما في حالات النخر المتقدمة فيلاحظ الفاحص انهيار المينا الكامل وفقدان كمية كبيرة من المادة السنية وحفرةً واسعةً ممتلئة بنسج متخربة وبقايا الأطعمة.
وقد يكون من الصعب كشف النخور الملاصقة – الواقعة بين سنين متجاورتين متلاصقتين بواسطة رأس المسبر - وهنا تبرز أهمية الأفلام الشعاعية في كشف هذه النخور الملاصقة. وقد تم حديثاً تطوير أصبغة خاصة تطلى به السن المشتبه بإصابتها بالنخر عندها يتغير لون الطلاء في الأماكن المنخورة مما يسهل عمل الطبيب في الاستدلال عليها وعلاجها.
مضاعفات النخر:
لا تسبب نخور الأسنان أية مضاعفات إذا عولجت في مرحلة باكرة، ولكن الخطر الأكبر يكمن لدى فئات معينة من المرضى والذين يعانون من مشاكل صحية أخرى مثل الأمراض القلبية أو الرثوية .. فعندما تهمل حالات النخر تتطور لتشكل خراجاً سنياً يشكل بؤرة جرثومية خطيرة، إذ قد تعبر هذه الجراثيم إلى الدم مسببةً حالات حرجة كالتهاب شغاف القلب مثلاً.
إضافة إلى ذلك فإن قلع سن بسيط قد يشكل منبعاً للخطر لدى بعض المرضى كالسكريين أو المصابين بأمراض الدم (الناعور) وغيرها إذا لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
معالجة النخر:
يختلف العلاج بحسب عمق التسوس وانتشاره في السن، ويمكن أن نوجزه بما يلي:
النخور السطحية: ينظف الطبيب الحفرة المتشكلة ويعطيها شكلاً ملائماً يسمح بوضع حشوة صغيرة من الأملغم (وهو خليطة من عدة معادن قوية وثابتة في الفم) أو من الحشوات التجميلية (كومبوزيت) ذات لون مشابه للون الأصلي للسن.
النخور المتوسطة: كما في سابقتها، إلا أن الطبيب يقوم بوضع طبقة دوائية في قاع الحفرة التي نظفها لتحمي لب السن (عصبه) من الأذى.
النخور العميقة: في هذه الحالة قد يضطر الطبيب إلى استئصال اللب (سحب العصب) بشكل كامل أو بشكل جزئي تبعاً لتقديره، وبعدها يقوم بحشو القناة السنية بمواد خاصة.
حالة خاصة تشكلها أسنان الأطفال الدائمة بعد البزوغ مباشرة حيث نلجأ إلى معالجة النخور البسيطة جداً (التي بدأت حديثاً في التشكل وأحياناً قبل أن تتشكل) بطريقة المادة السادة للشقوق حيث نضع حشوة سائلة ضمن الأخاديد السنية، وبذلك نحميها من التسوس اللاحق المحتمل.
وهنا لابد من أن نذكر أن الوقاية هي خير طريقة لعلاج النخر فالحفاظ على صحة فموية جيدة واستخدام المستحضرات التي تحوي الفلورايد والتقليل ما أمكن من تناول السكريات، إضافة إلى استخدام الوسائل الإضافية للصحة الفموية (الخيط السني – العيدان الطبية .. ) كل ذلك من شأنه أن يمنع تشكل هذه الافة المزعجة أو أن يخفض نسبة الإصابة بها إلى الحدود الدنيا.