ذبة (التهابية)، لا يحدها أي غلاف، وغالبًا تحوي العصارة البنكرياسية الهضمية داخلها نظرًا لارتباطها بالقناة النبكرياسية.
تتباين كيسات البنكرياس بالحجم من بضعة ميليمترات إلى عدة سنتيمترات.
ويمكن أن تكون الكيسات صغيرة وحميدة وغير مسببة لأي أعراض، أو أن تكون كبيرة الحجم وتسبب مشاكل.
كما يمكن أن تكون سرطانية أو محتملة التسرطن كذلك. والكيسات محتملة التسرطن هي كيسات حميدة ولكنها تحتمل خطر التحول إلى كيسات سرطانية.
وتضم الأنواع المختلفة من الكيسات أنواعًا مختلفةً من السوائل. فمثلًا، تحوي الكيسات المتشكلة من بعد إصابة بالتهاب البنكرياس الحاد إنزيمات هاضمة كالأميلاز بتراكيز مرتفعة.
بينما تحوي الكيسات المخاطية مخاطًا تنتجه الخلايا المخاطية المتشكلة في الغشاء المحيط بالكيسة.
أعراض وعلامات كيسات البنكرياس
تختلف أعراض كيسات البنكرياس تبعًا لاختلاف موقع وحجم الكيسات. فالصغيرة منها لا تسبب عادةً أي أعراض، بينما تسبب كبيرة الحجم ألمًا في البطن والظهر بسبب الضغط على الأنسجة المجاورة وعلى الأعصاب الحشوية.
قد تسبب كيسات البنكرياس المتوضعة في رأس البنكرياس (الصغيرة منها والكبيرة) اليرقان، بسبب سدها للقناة الصفراوية.
في حال تعرض الكيسات للخمج (العدوى) فقد تتظاهر بحمى وقشعريرة وإنتان (تسمم الدم).
يمكن في حالات نادرة أن تضغط الكيسات الكاذبة كبيرة الحجم على المعدة أو الاثني عشر مسببةً انسدادًا في السبيل الهضمي ينتج عنه ألم بطني وإقياء.
إذا ما استحالت الكيسة خباثةً وغزت الأنسجة المحيطة بها فقد يظهر الألم بشكل مماثل للألم الناتج عن سرطان البنكرياس، وهو ألم مستمر يقع في الظهر وأعلى البطن.
“اقرأ أيضًا: داء الكلية متعدد الكيسات”
أسباب كيسات البنكرياس
لكيسات البنكرياس نوعين أساسيين، الكيسات الكاذبة أو الالتهابية والكيسات الحقيقية غير الالتهابية. الكيسات الحقيقية حميدة دائمًا، بينما يمكن أن تكون الكيسات الكاذبة حميدةً أو محتملة التسرطن أو مسرطنة.
الكيسات الكاذبة
معظم الكيسات الالتهابية في البنكرياس هي كيسات بنكرياس كاذبة. تنتج الكيسات الكاذبة عن التهاب البنكرياس. والذي تشمل أشيع أسبابه الكحولية وحصيات المرارة والصدمات والجراحة.
تحوي السوائل بداخل الكيسات الكاذبة النسيج البنكرياسي الميت المنحل إضافة إلى الخلايا الالتهابية والتراكيز المرتفعة من الأنزيمات الهضمية التي تمثل الإفراز الخارجي للبنكرياس.
الكيسات الحقيقية
الكيسات الغدية المصلية
معظم حالات هذا النوع من الكيسات تكون حميدة وأكثر ما تصيب النساء في أواسط العمر. تتوضع عادةً على جسم أو ذيل البنكرياس. وهي كيسات صغيرة لا تسبب أعراضًا، إلا أنها قد تسبب ألمًا في البطن بشكل قليل.
الكيسات الغدية المخاطية
ثلاثون بالمئة من هذه الكيسات سرطانية، والبقية منها فهي محتملة التسرطن. وهي كذلك تصيب النسوة في أواسط العمر وتتوضع على جسم أو ذيل البنكرياس.
الورم الحليمي المخاطي داخل القنوي
وهي كيسات ذات احتمالية مرتفعة للتسرطن. وبوقت التشخيص يكون احتمال أن تكون الكيسات قد أصبحت سرطانية سلفًا بين 45 و65 بالمئة.
وهي شائعة أكثر لدى الرجال بمنتصف العمر وتتوضع على رأس البنكرياس. تنتج هذه الكيسات كميات كبيرة من المخاط، والذي يمكن رؤيته يتسرب من حليمة فاتر (منطقة اتصال قناة البنكرياس مع الأمعاء) خلال تنظير البنكرياس بتقنية ERCP، وهي تقنية تستخدم لرؤية أنبورة فاتر والقناة البنكرياسية.
تسبب هذه الكيسات ألمًا بطنيًّا، إضافة إلى اليرقان والتهاب البنكرياس. يزداد خطر التسرطن في هذه الحالة مع تقدم المريض في السن ووجود الأعراض وامتدادها إلى القناة البنكرياسية الرئيسية وتوسع القناة البنكرياسية الرئيسية لأكثر من 10 ميليمترات، إضافة إلى وجود العقيدات في جدار الاثني عشر وحجم الكيسات الأكبر من 3 سنتيمترات.
الورم الحليمي الكاذب الصلب
وهي أورام نادرة الحدوث، تضم في بنيتها العنصر الكيسي إضافة إلى المركبات الصلبة، وتظهر لدى الشبان المنحدرين من العرق الآسيوي ولدى النسوة سوداوات البشرة.
قد تبلغ هذه الكيسات كبرًا من الحجم وقد تستحيل خبيثة، لكن الشفاء ممكن باحتمالية كبيرة، من خلال الاستئصال الجراحي الكامل للتكيسات.
تشخيص كيسات البنكرياس
لا تكتشف كيسات البنكرياس إلا مصادفةً عند تصوير البطن لاستقصاء حالات أخرى، ذلك بأن الغالبية من كيسات البنكرياس تكون صغيرة فلا تسبب أي أعراض.
ولكن عند ظهورها فلا تستطيع تقنيات التصوير العادية كالأمواج فوق الصوتية والتصوير المقطعي والرنين المغنطيسي تميُّز الخبيثة من الحميدة فيها.
يستخدم التصوير بالأمواج فوق الصوتية التنظيرية للتثبت مما إذا كانت الكيسات خبيثة ام حميدة.
تصوير البنكرياس تنظيريًّا بالأمواج فوق الصوتية
خلال تنظير الأمواج فوق الصوتية يدخل منظار مزود بمنبع أمواج فوق صوتية في طرفه عبر الفم والمريء حتى الاثني عشر حيث أقرب نقطة إلى البنكرياس والكبد والمرارة، ومن ذلك الموقع تؤخذ صور دقيقة وتفصيلية لكل من هذه الأعضاء.
وكذلك فيمكن استخلاص عينة من سوائل الكيسات خلال التنظير، باستخدام إبرة مخصصة لذلك تذهب عبر المنظار وصولًا إلى الكيسات.
تحلل العينة المأخوذة نسيجيًّا للبحث عن خلايا سرطانية وكيميائيًا لمعايرة كمية الأميلاز والواسمات الورمية.
والواسمات الورمية هي بروتينات تنتجها الخلايا السرطانية بكميات كبيرة جدًا، وتقاس كميتها للتثبت من وجود السرطان أثناء التشخيص.
أتيحت مؤخرًا إمكانية تحليل الحمض النووي للخلايا المأخوذة من الكيسات بحثًا عن التغيرات المنذرة بحدوث السرطان.
مخاطر تنظير الأمواج فوق الصوتية وسحب العينة قليلة جدًا، وليس فيها إلا احتمالية حدوث نزف صغير أو العدوى.
يصعب ببعض الحالات البتّ بخباثة الكيسات أو عدمها حتى باستخدام تنظير الأمواج فوق الصوتية وسحب العينة من الكيسات.
عند عدم وضوح التشخيص في هذا الصدد فيجب إعادة التصوير وسحب عينة أخرى إذا كانت احتمالية التسرطن مرتفعة.
وفي حالات أخرى يعاد الفحص بالتصوير المقطعي والرنين المغنطيسي وبالأواج فوق الصوتية التنظيرية بعد عدة أشهر للكشف عن أي تغيرات قد تنبئ بما إذا كان السرطان قد تطور. ويوصى بالجراحة في حالات أخرى عند عدم التثبت من التشخيص.
علاج كيسات البنكرياس
إن أهم ناحية من نواحي تدبير كيسات البنكرياس هي تحديد خباثة الكيسات من عدمها، فالكيسات الحميدة لا تحتاج علاجًا، بينما يجب إزالة الكيسات السرطانية ومحتملة التسرطن.
ويأتي في المرتبة التالية من حيث الأهمية، تحديد ما إذا كان المريض المصاب بكيسات خبيثة مرشح مناسب لإجراء الجراحة.
للاستئصال الجراحي للكيسات الخبيثة معدل شفاء مرتفع، بينما يمكن متابعة الكيسات الصغيرة وتحري الزيادة في حجمها والذي يمكن أن يدل على السرطان أو يزيد من خطر حدوثه.
يجب أن يكون القرار بالخيار العلاجي الأنسب فرديًّا حسب حالة كل مريض، ومن الخيارات العلاجية المتاحة لتدبير كيسات البنكرياس:
يجب معالجة الكيسات الكاذبة إذا استمرت أكثر من ستة أسابيع بعد الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد. خصوصًا إذا كبر حجمها وتسبب بأعراض كانسداد السبيل الهضمي أو القناة الصفراوية المشتركة أو الآلام البطنية أو إذا تعرضت للعدوى.
فرصة التحول إلى الخباثة قليلة جدًا بالنسبة للكيسات صغيرة الحجم، ومع ذلك فقد تكبر وتستحيل خبيثة في المستقبل، ولذا يجب مراقبة حالة المريض عندها وإخضاعه لفحوصات بشكل سنوي.
وليس من الضروري تقييم الكيسات باستخدام التنظير والشفط بالإبرة الدقيقة، إلا عند نمو حجم الكيسات أو ظهور الأعراض.
بينما يجب فحص الكيسات الكبيرة بتنظير الأمواج فوق الصوتية وسحب عينة منها. وإذا ما أنذر التحليل النسيجي للعينة أو قياس مستوى الواسمات الورمية أو تحليل الحمض النووي بتغيرات سرطانية فعندها يجدر تقييم المريض للخضوع لجراحة لتدبير الكيسات.
معظم كيسات البنكرياس غير ذات تهديد وغير خطرة على حياة المريض، لكنها مع ذلك تحمل احتمالًا للخباثة وإحداث الأذى، ولذا يجب مراقبتها باستمرار.