تاريخ النشر 15 نوفمبر 2021     بواسطة الدكتور عبدالكريم قرملي     المشاهدات 1

انتباذ بطاني رحمي

الانتباذ البطاني الرحمي (باللاتينية: endometriosis) مرض حميد ولكن يتسبب بآلام مزمنة وشديدة، ويتمثل هذا المرض بوجود أنسجة شبيهة ببطانة الرحم خارج الرحم حيث تنمو تلك البطانة على جانبي تجويف الرحم، لتمتد إلى قناتي فالوب ثم المبيضين، أو إلى عنق الرحم مسببة التهابات ثم التصاقات وآلاماً حوضية دورية،
كذلك فإن هذه الأنسجة المهاجرة تسلك سلوك الغشاء المخاطي المبطن للرحم، فهي تستجيب للهرمونات التي يفرزها المبيض، في نهاية الدورة الشهرية تنخفض نسبة هذه الهرمونات في الدم مما يؤدي إلى إضمحلال الأنسجة المبطنة للرحم وخروجها على هيئة دم الدورة الشهرية، ولكن تلك الموجودة خارج الرحم فإنها تنتفخ في نفسها لأنها لا تجد طريقاً للخارج وقد تسبب إفرازات تؤدي بدورها إلى حدوث التصاقات داخل الحوض، كما قد تكوْن أكياساً مليئة بالدم وخاصة بالمبيض وتسمى ب«أكياس الشوكولاته». والإندومتريوزيس مرض يتطور بمرور الوقت وقد يعاود الحدوث بعد العلاج القصير ولهذا يجب معالجته بطريقة حيوية وفعالة وفي الوقت المناسب. 
أسبابه
صورة كييس مفتوح على في المبيض الايسر

لا يعرف السبب في هذا المرض حتى الآن على وجه التحديد، وكل ما هو معروف هو مجرد نظريات وافتراضات لم تثبت صحتها بعد على وجه اليقين. ومن هذه النظريات :

    1- خلل طارئ في جهاز المناعة.
    2- اختلال في افرازات بعض الهرمونات.
    3- خروج دم الحيض بعكس مجراه الطبيعي من خلال قناتي فالوب ونزوله في تجويف الحوض وخاصة على المبيضين وخلف الرحم.
    4-ما بعد عمليات تنظيف وجرف جوف الرحم (الكرتاج)
    5- هناك نظرية أخرى تقول باحتمالية الإصابة بهذا المرض بسسب افرازات هرمونية من جوف الرحم تتنتقل إلى أماكن خارج الرحم وبسبب تأثيرها الهرموني تحرض انسجة اخر على التحول إلى انسجة شبيهة لتلك المبطنة لجوف الرحم.
    6- تلعب الوراثة دورا كبيرا في هذا المرض، فنسبة الإصابة أعلى عند النساء اللواتي عندهن ام أو اخت مصابة.
    7- حؤول حيث يعتقد بأن خلايا بطانة الرحم تنمو في الأماكن الخاطئة من الخلايا الجنينية لتجويف البطن.
آلية حدوث المرض

يوجد نظريتين مختلفتين :
انسجة بطانة الرحم على الصفاق (غشاء البروتونيوم)
النظرية الأولى

و هي الأكثر واقعية ومنطقية وتقول أنه وبسبب ما يعرف بالحيض الرجعي اي الرجوع العكسي لدم الدورة الشهرية بعكس مجراه الطبيعي فبدلا من خروجه من عنق الرحم ثم المهبل ومنه إلى خارج الجسم يسلك طرقا معاكسا عبر قناتي فالوب إلى منطقة خلف الرحم وأحيانا إلى مناطق ابعد فقد تصل للأمعاء الدقيقة والقولون ويحمل هذا الدم معه كل ما يحتويه من خلايا بطانة الرحم فتتحرك خلايا بطانة الرحم إلى الجسم وتلتصق بأجزاء أخرى مثل المبايض، المثانة، الأمعاء.
الانتباذ البطاني الرحمي على جراب دوغلاس

و تبدأ بعد ذلك تلك الخلايا تستجيب لهرمون البروجستيرون والإستروجين مثلها مثل خلايا بطانة الرحم الطبيعية الموجودة بالرحم. فتنتفخ وتمتلأ بالدم عند ارتفاع معدل الهرمون بالدم وتنمو ويزداد سمكها في مرحلة ما قبل الطمث وعندما يقل مستوى الهرمون ووقت نزول دم الدورة الشهرية تبدأ تلك الخلايا النزيف مما يؤدي إلى حدوث التهابات والتصاقات في تجويف الحوض والبطن مكان تواجدها وفي بعض الأماكن التي لا يتم فيها النزف تبقي هذه الاكياس مغلقة على نفسها مملوءة بدم بني اللون ويزداد حجمها تدريجيا في بعض الأحيان تتسبب فب اغلاق قناتي فالوب وتسبب بألام شديدة.
النظرية الثانية

و تقول بأن طبقة الخلايا المحيطة بالمبايض والخلايا الخارجية المحيطة بالرحم وخلايا أخرى لديها الاستعداد الوراثي وتحت تأثير بعض الهرمونات إلى التغير والتحول إلى خلايا بطانة الرحم فتكون تماما مثل نسيج بطانة الرحم.
المراحل العمرية للإصابة بالمرض وانتشاره

كان يعتقد دائما بأن هذا المرض يصيب هذا المرض السيدات في السن من 30-40، ولكن لاحقا لوحظ بأن هذا المرض لا يمكن ان يحدث في جميع المراحل العمرية بعد البلوغ وحتى سن اليأس بنسب متفاوتة ومتوسط السن الذي يتم تشخيص المرض فيه هو 27 عاما، أمافي مرحلة ماقبل البلوغ وفي ما بعد انقطاع الدورة الشهرية (سن اليأس) فلا نلاحظ وجود هذا المرض حيث ينخفض افراز الهرمونات التي تحفّز خلايا جدار الرحم المخاطية كذلك تلك الخلايا المهاجرة المسببة للمرض ولهذا تضمر تلك الأنسجة وتتلاشى.

يوجد هذا المرض عند حوالي 55-60% من النساء اللواتي يعانين من ألام شديدة ومزمنة في منطقة الحوض، في حين تكون نسبته بين 20-45% من السيدات اللواتي يعانين من تأخر الحمل، وتكون نسبته بين 15-18% من السيدات اللائي ليس عندهم أي شكاوى.
الأعراض
من الناحية الجسدية

    قد يكون تأخر الحمل أو العقم هو العارض الرئيسي للمرض في حوالي 70% من الحالات
    الشعور بآلام داخلية أثناء ممارسة الجنس.
    اضطرابات الدورة الشهرية.
    نزول الدورة الشهرية بغزارة.
    الآلام أثناء الدورة الشهرية : يبدأ الشعور بالآلم في الأيام القليلة قبل بدء الدورة الشهرية ويستمر خلال نزول الدورة وقد يزداد الألم أثناءنزول الدورة، وتكون هذه الألام مختلفة عن الآلام العادية المصاحبة للدورة الشهرية.
    الشعور بالألم وظهور الدم أثناء التبرز أو التبول أثناء حدوث الدورة، وفي هذه الحالة وعند خروج الدم مع البول يكون جدار المثانة مصاب بهذا المرض اما عند خروجه مع البراز يعني باصابة الامعاء الدقيقة أو القولون.
    وفي بعض الحالات القليلة لا يوجد اي آلام أو شكاوى تذكر عند المريضة.

من الناحية النفسية

لوحظ بأن هذا المرض يزيد من نسب حدوث بعض الأعراض النفسية مثل:

    الاكتئاب والشعور بالضيق
    نقص في الرغبة الجنسية نتيجة الشعور بالآلام الداخلية أثناء أو بعدالجماع
    الشعور بالذنب تجاه الشريك

الأماكن الأكثر إصابة بالمرض

    1- السطح الخارجي للمبيض أو بداخله
    2- الأربطة الخلفية للرحم
    3- السطح الخارجي للرحم
    4- قناتي فالوب
    5- المثانة
    6- الأمعاء الدقيقة أو القولون
    7- على أي جزء من أجزاء الحوض
    8- كما يمكن ان تظهر في حالات قليلة جدا في الحجاب الحاجز والرئة والجلد.

تأثير الانتباذ البطاني الرحمي على تأخر الحمل
انتباذ بطاني رحمي على جدار الرحم

يقسم المرض إلى اربع درجات رئيسية حيث يتسبب المرض وخاصة في درجاته الثالثة والرابعة في حدوث التصاقات بالحوض وخاصة حول قناتي فالوب مما يعيق التقاف البويضة بعد خروجها من المبيض وكذلك حركة البويضة داخل قناة فالوب بعد التقاطها مما يؤدي إلى تأخر الحمل. أماعن المرض في درجاته الأولى والثانية ففي حين يعتقد البعض ان لا تأثير لها يذكر يعتقد اخرون أنها تسبب تأخر الحمل لأسباب عدة مثل تغيير المناخ والبيئة المحيطة بالبويضة بعد خروجها من المبيض. وفيما يبدو تأكيدا للرأي الثاني أكدت بعض الأبحاث مؤخراً أن معالجة الدرجة الأولى والثانية للمرض باستخدام الكي الحراري أو بالليزر من خلال المنظار يرفع من نسب احتمالات الحمل ممن لم يعالجوا مما يرجح وجود علاقة بين هذا المرض بجميع درجاته وبين تأخر الحمل. ولكن يجب اخذ الأسباب الأخرى بعين الاعتبار وكخطوة أولى لتأخر الحمل قبل أن نرد السبب للدرجة الأولى والثانية من المرض. وفي حالة اصابة المبيض بهذا المرض قد يسبب أيضا بتأخر الحمل وفي بعض الحالات المتقدمة من المرض إلى العقم وذلك لتأثيره على التطور الطبيعي للبويضات داخل المبيض
تأثير المرض على حدوث الاباضة واحتباس البويضة
صورة للانتباذ البطاني الرحمي في مرحلة متقدمة.

تنمو البويضات في المبيض تحت تأثير هرموني FSH، LH اللذان يفرزان من الغدة النخامية ولذلك بعد اثارتها من منطقة الوطاء بهرمون ال GnRH وعندما عندما تتكون البويضة تفرز هرمون الاستروجين ويبدأ ارتفاع هذا الهرمون في الدم تدريجياً. وفي هذه الفترة تكون واحدة من البويضات مستعدة للنضوج أكثر من سواها وتبدأ بالنمو بسرعة وتفرز هرمون الاستروجين بكمية أكبر. إن ارتفاع نسبة هذا الهرمون يقلل من إفرازFSH & LH، وان هذه البويضة تستمرفي النمو لأنها تكون معتادة على النمو رغم قلة إفراز هرمونFSH وفي الغالب تكون هذه هي البويضة الناضجة التي يكون لديها استعداد للإخصاب. إن ارتفاع نسبة هرمون الاستروجين يساعد على نضوج البويضة أكثر وأكثر وكذلك يساعد على نمو بطانة الرحم، وبسبب الارتفاع المفاجئ لهرمون LH في اليوم الثاني عشر من بدأ الدورة تنفصل البويضة عن المبيض في اليوم الرابع عشر من بدأ الدورة والتي تساعد اهداب قناة فالوب بدخولها للقناة وفي هذه الحالة في حال وجود الانتباذ البطاني الرحمي في قناتي فالوب فان ذلك يعيق من حركة البويضة داخل القناتين وفي بعض الأحيان لا تستطيع البويضة الخروج من الحويصلة حتى بعد نضوجها و"تحتبس" داخل الحويصلة، وبالتالي لا تكتمل مرحلة التبويض إلى النهاية.
التشخيص
الانتباذ البطاني الرحمي على الصفاق بين الرحم والمثانة
الكشف الطبي

قد يجد الطبيب أثناء الكشف الطبي حبوب صغيرة في منطقة الحوض، وتكون مؤلمة عند الضغط عليها، وقد يجد أيضا تكتلات masses في المبايض.
التحاليل والفحوصات

لا يمكن الاعتماد على الأعراض والفحص الطبي فقط لتشخيص مرض بطانة الرحم الهاجرة. فهناك أمراض أخرى تسبب نفس الأعراض. لذلك يجب القيام ببعض الفحوصات لتأكيد تشخيص المرض.
اخذ عينة

يعتبر من أهم وسائل تشخيص المرض. يتم إدخال منظار من خلال شق صغير في البطن (laparoscopy). ويتم أخذ عينة من النسيج المتوقع انه من بطانة الرحم. ويمكن أن يتم ذلك بدون استخدام المنظار، لكن تحتاج إلى شق جراحي كبير (laparotomy). ثم يتم بعد ذلك فحص العينة المأخوذة تحت الميكروسكوب بواسطة أخصائي الأمراض لتحديد إذا كانت خلايا من بطانة الرحم أم لا.
فحص الدم

يوجد نوع معين من البروتين يسمى CA125 يرتفع معدله في الحالات المتقدمة من المرض. لكن لا يمكن الاعتماد علي هذا التحليل في تشخيص المرض لأنه يرتفع في أمراض أخرى مثل سرطان المبيض. كذلك لا يشخص المرض في المرحلة المبكرة له. وتكمن فائدة ذلك التحليل فقط في أنه يمكن استخدامه لمتابعة استجابة المريضة للعلاج.
الرنين المغناطيسي MRI
يكشف وجود التصاقات حول المبيض. ويمكن أن يظهر وجود أنسجة بطانة الرحم وأكياس من الدم في الأمعاء، المثانة. الموجات فوق الصوتية المهبلية (الألتراساوند المهبلي) Vaginal Ultrasound: يمكن أن يظهر وجود أكياس دموية على المبيضين 
العلاج
هناك طرق عديدة للعلاج منها العلاج بالهرمونات والعلاج الجراحي. واختبار الطريقة المناسبة لكل حالة يعتمد عــلي سـن المريضه، ودرجة انتشار المرض، ورغبة المريضه في الحمل وهنا يجب الذكر انه لا يوجد علاج شافٍ نهائياً للانتباذ البطاني الرحمي وانما يتمثل العلاج في تخفيف أعراض المرض وهناك خيارات عديدة للعلاج يحدد الطبيب المعالج العلاج المناسب تبعا لحالة المريضة. 


أخبار مرتبطة