قصبة الهوائية والشعب الهوائية الكبرى. إن النموذج الأول من هذه الأمراض هو النزلة البردية، التي ستتم مناقشتها هنا، بالإضافة إلى التهاب الحلق، التهابِ الجيوب الأنفية والْتِهابِ الرُّغامَى والقصبات (Tracheobronchitis). يصيب مرض الأنفلونزا أيضًا، الجهاز التنفسي العلوي، ولكن هذا المرض هو مَرَضٌ مَجْموعِيّ (Systemic disease)، فلذلك لن تتم مناقشته في هذا الفصل.
أعراض تلوثات المجاري التنفسية العليا
إن مسببات المرض (العوامل الإمراضية) (Pathogens) الرئيسية التي تسبب عدوى الجهاز التنفسي العلوي هي :
الفيروسات: الفيروسة الأنفية (Rhinovirus)، فيروس نظير الأنفلونزا (Parainfluenza)، الفيروسة المُكلَّلة (Coronaviruses) الفيروسة الغُدانيَّة (Adenoviridae)، الفيروس المَخْلوي التنفسي (Respiratory syncytial viru - RSV)، الفيروسة الكوكساكية (Coxsackievirus) والأنفلونزا (Influenza) التي تسبب الرشح.
البكتيريا: البكتيريا العِقْدِيَّة (Streptococcus)، الخُناق (Diphtheria )، المكوَّرة البنية (Gonococcus)، المُتَدثِّرة (Chlamydia)، والمفطورة (Mycoplasma ) وفي الماضي أيضًا، بكتيريا الشاهوق (Pertussis).
إنه على الرغم من أننا نتحدث عن مجموعة من الأمراض والجراثيم، لكن يوجد العديد من الأعراض المشتركة لهذه الأمراض وهي :
- احتقان الأنف.
- العطس.
- ألم في الحلق.
تُمكننا الأعراض التالية بالإضافة إلى الأعراض المذكورة أعلاه، من أن نميز بين الأمراض المختلفة، وتساعد في التعرف على مسبب المرض الخاص، مثلاً:
- التهاب العيون - الفيروسة الغُدانيَّة.
- ظهور مفاجئ لالتهاب الحلق دون أعراض أخرى، وخاصة بعد التعرض لشخص أصيب بالتهاب الحلق، بواسطة جرثومة العِقْدِيَّة مع أعراض احمرار، الانصباب في الحلق وتضخم الغدد الليمفاوية في الرقبة، يشير إلى الإصابة ببكتيريا العِقْدِيَّة.
- الألم في جانب واحد من الجيوب الأنفية، في منطقة الأسنان العليا وفي الرأس، المصحوبة باحتقان شديد في الأنف، وخصوصًا إذا ظهرت بعد نحو أسبوعين من الإصابة بالنزلة البردية، مع ظهور احمرار، حساسية تورم على الجيوب الأنفية - التهاب الجيوب الأنفية الحاد.
- سعال مع أو بدون بلغم، والمصحوب بصوت صفير عند التنفس لمدة أسبوع إلى ثلاثة أسابيع- التهاب الرُّغامَى والقصبات (Tracheobronchitis).
- مرض مفاجئ يرافقه ارتفاع في درجة الحرارة، صداع، آلام في العضلات، سعال جاف، الضعف والإرهاق - الأنفلونزا الموسمية.
إن العلامات العادية للنزلة البردية، في الفحص البدني، هي حُمَّى ليست عالية جدًّا، صوت من الأنف، تهيُّج في الجلد حول الأنف مع وجود غشاء مُخاطي ملتهِب.
أسباب وعوامل خطر تلوثات المجاري التنفسية العليا
تنتشر هذه الأمراض أكثر خلال شهور الشتاء، والافتراض أن سببها هو الكثافة العالية للناس في الأماكن المغلقة مع قلة التهوية وليس البرد، خلافًا لما يعتقد. تتغير هذه الفيروسات كثيرًا، لذلك يمكن الإصابة بها عدة مرات، بحيث إن الشخص البالغ قد يصاب بهذه العدوى من 2-4 مرات كل سنة. تنتقل مسببات الأمراض عن طريق الرذاذ المحمول جوًّا ضباب (Aerosol) والاتصال المباشر مع شخص مريض، ومن ثم الأنف أو العينين.
إن رشح الحساسية، انسدادًا هيكليًّا في الجيوب الأنفية، حاجزًا أنفيًّا مُنحنٍ، ضعف الجهاز المناعي أو مُثَبَّطًا، التعرض للكثير من الناس في المناطق الكثيفة وسوء النظافة الصحية، هي عوامل الخطر الأكثر أهمية للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي.
تشخيص تلوثات المجاري التنفسية العليا
يكفي، بصفة عامة، وصف الحالة من قبل المريض وفحص الطبيب البدني لتشخيص المرض، ولا حاجة للتشخيص الدقيق. أما في الحالات التي تتطلب تشخيصًا محددًا لسبب ما، فيمكن استخدام فحص مُسْتَنْبِتِ (Culture) الفيروسات أو البكتيريا، الكشف عن المضادات بواسطة فحص الدم أو البول، فحص ال (PCR)، أخذ عينة من الحلق وعلامات الالتهاب المختلفة. إن فحوصات التصوير المناسبة هي: تصوير الصدر، التصوير الإشعاعي للعنق والتصوير المقطعي المحوسب (CT).
علاج تلوثات المجاري التنفسية العليا
إن العلاج في المقام الأول هو الراحة، للتسهيل على المريض في مقاومة المرض، على الرغم من أنه لم يثبت أن الراحة تقصر مدة المرض. كذلك فإن كثرة الشرب هي أمر ضروري لخفض لُزوجة الإفرازات، ولكن عند الأشخاص الذين لا يأكلون أثناء المرض، ينبغي الانتباه لمضاعفات الإفراط في الشرب، والذي يؤدي لانخفاض تركيز الصوديوم في الدم (Hyponatremia).
توجد هنالك حاجة، في حالة الإصابة بالتهاب الحلق البكتيري أو بالتهاب بكتيري حاد آخر، لإعطاء علاج بالمضادات الحيوية، والذي لا يكون فعالاً ضد الأمراض الفيروسية.
يوجد للمرض الفيروسي أو الجرثومي، الخفيف العديد من الأدوية، التي تحتوي على مُرَكبات مختلفة من العقاقير، مهمتها خفض الحرارة، تخفيف الألم، تقليل احتقان الأنف، توسيع الشُّعَبِ الهوائية، المساعدة على النوم وتخفيف الالتهاب، لسوء الحظ، فإن أيًّا من هذه العلاجات ليست عصا سحرية تزيل المرض تمامًا.
يساعد استخدام (جهاز البخار- الرذاذ) على التنفس ويقلل من الألم في الحلق.
لا يزال استعمال فيتامين "جـ" (C) للعلاج، مثيرًا للجدل، فمن الواضح أنه من أجل الحصول على نتيجة علاجية، من الضروري استخدام كميات كبيرة نسبيًّا من الفيتامين، وهذه الكمية قد تسبب الإسهال. استخدام الزنك بكميات كبيرة يؤدي إلى تقليل فترة المرض بمعدل يوم واحد، إلى جانب التسبب في طعم سيئ وغثيان عند كثير من المرضى.
الوقاية من تلوثات المجاري التنفسية العليا
إن الوقاية بسيطة وتعتمد بالأساس على المحافظة على النظافة، غسل اليدين بكثرة، عزل المرضى وما شابه ذلك. يجب أخذ اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية كل سنة، بشكل مستقل في صناديق المرضى.