تنمو هذه الخلايا، بشكل عام، بصورة سليمة للغاية وتنقسم حسب احتياجات الجسم. ولكن، في حالة الإصابة بابيضاض الدم (اللوكيميا)، يُنتج نقي العظم في الجسم كمية كبيرة جدا من خلايا الدم البيضاء الشاذة، التي لا يمكنها أن تقوم بوظائفها كما ينبغي.
سرطان الدم (اللوكيميا) ليس مرضا منتشرا عند الأطفال فقط، فلابيضاض الدم (اللوكيميا) أربعة أصناف رئيسية وتشكيلة واسعة من الأصناف الثانوية، جزء منها فقط منتشر لدى الأطفال.
إن تشخيص إصابة شخص بمرض ابيضاض الدم (اللوكيميا) قد يثير مشاعر القلق والخوف الشديدين، فيما قد تكون مهمة علاج سرطان الدم (اللوكيميا) مركبة ومعقدة، طبقا لنوع سرطان الدم (اللوكيميا) وتبعا لعوامل أخرى عديدة مختلفة.
في المقابل، هنالك طرق متنوعة وموارد كثيرة من شأنها مساعدة المريض مواجهة اللوكيميا.
أعراض سرطان الدم
تتنوع أعراض سرطان الدم (اللوكيميا) وتختلف، باختلاف نوع سرطان الدم.
مع ذلك، فالأعراض الشائعة لابيضاض الدم (اللوكيميا) تشمل:
الحمى أو الارتعاد
التعب الدائم، الوهن
العدوى المتكررة
فـَقـْد الشهية أو انخفاض الوزن
انتفاخ الغدد اللمفاوية (Lymphatic nodules)، تضخم الكبد أو الطحال
سهولة النزف أو ظهور الكدمات
ضيق النفس خلال النشاط البدني أو عند صعود الدرجات
ظهور نقاط / بقع صغيرة حمراء اللون على الجلد (نَزف محلي، موضعي)
فرط التعرّق، وخاصة في ساعات الليل
أوجاع أو حساسية في العظام
تتعلق حدة الأعراض بكمية خلايا الدم الشاذة (غير السويّة) وموقع تراكمها. وقد يتغاضى المرء عن العلامات والأعراض الأولية لمرض ابيضاض الدم (لأنها تشبه علامات وأعراض النزلة الوافدة (الانفلونزا) أو أمراض شائعة أخرى).
أسباب وعوامل خطر سرطان الدم
يصنف الأطباء سرطان الدم، عادة، بطريقتين اثنتين:
1- حسب وتيرة التقدم:
يعتمد التصنيف الأول على وتيرة تقدم المرض.
ابيضاض الدم الحاد / الخطير: خلايا الدم الشاذة هي خلايا دم بدائية غير متطورة أرومة. هذه الخلايا غير قادرة على القيام بوظيفتها، وتميل إلى الانقسام بوتيرة سريعة، لذا فإن المرض يتفاقم بسرعة. ويتطلب ابيضاض الدم الحاد معالجة قوية ومشددة، يتوجب البدء بها على الفور.
ابيضاض الدم المزمن: ينشأ هذا النوع من سرطان الدم في خلايا الدم البالغة، والتي تنقسم وتتكاثر، أو تتراكم، ببطء أكثر ولها قدرة اعتيادية على العمل، طوال فترة زمن معينة.
في بعض أصناف ابيضاض الدم المزمن لا تظهر أعراض معينة ويمكن أن يظل المرض خفيّا وغير مشخص لبضع سنوات.
2- حسب نوع الخلايا المُصابَة:
يعتمد التصنيف الثاني على نوع خلايا الدم المُصابة.
ابْيِضاضُ اللِّمفاويَّات: يهاجم هذا النوع من ابيضاض الدم الخلايا الليمفاوية، المسؤولة عن إنتاج النسيج اللـِّمفي. يشكل هذا النسيج المركب المركزي في الجهاز المناعي وهو موجود في العديد من أجهزة الجسم، التي تشمل أجهزة الغدد / العُقد اللمفاوية، الطحال واللوزتين.
الابيضاض النقوي: يهاجم هذا النوع الخلايا النقوية الموجودة في النخاع الشوكي. هذه الخلايا تشمل التي يُفتَرَض أن تتطور مستقبلا إلى خلايا دم حمراء، خلايا دم بيضاء والخلايا المسؤولة عن إنتاج صفيحات الدم.
الأنواع الرئيسية:
أنواع ابيضاض الدم (اللوكيميا) الرئيسية هي:
ابيضاض الدم النقوي (النخاعي) الحاد (Acute Myelogenous Leukemia – AML)- هو أكثر أنواع سرطان الدم انتشارا. يظهر المرض عند الأولاد وعند الكبار، ويسمى، أيضا، "ابيضاض الدم الحاد غير اللمفاوي".
ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد (أو:ابيضاض اللمفاويات الحاد) (Acute Lymphocytic Leukemia –ALL) - هذا هو النوع الأكثر انتشارا عند الأطفال الصغار، وهو مسؤول عن 75% من حالات الإصابة بسرطان الدم عند الأطفال.
ابيضاض الدم اللمفاوي المزمن (Chronic Lymphocytic Leukemia – CLL)- على الرغم من إن هذا النوع منتشر جدا ويظهر لدى البالغين، أساسا، إلا إن المصاب به يمكنه التمتع بشعور جيد طوال عدة سنين دون الحاجة إلى أي علاج. وهو لا يظهر لدى الأطفال تقريبا.
ابيضاض الدم النِقوي (النخاعي) المزمن (Chronic Myelocytic Leukemia –CML) - يظهر هذا النوع من اللوكيميا بالأساس عند البالغين. ويُعزى ظهوره إلى خلل في الكروموزوم المسمى بصبغي فيلادلفيا، المسؤول عن إحداث طـَفرة وراثية في الجين BCR ABL.
هذا الجين ينتج بروتينا غير سليم يسمّى تيروزين كيناز ويعتقد العلماء والأطباء بأنه هو الذي يمكّن خلايا السرطان من النشوء والتكاثر.
قد يعاني المصاب بهذا النوع من سرطان الدم من ظهور أعراض قليلة، على امتداد فترة قد تطول أشهر أو حتى سنوات، قبل بداية المرحلة التي تنمو فيها خلايا المرض وتتكاثر بسرعة فائقة.
عيوب مزمنة أخرى في الخلايا اللمفاوية:
كما هو الحال في CML، هذه المجموعة من الأمراض تسبب ظهور ابيضاض الدم المزمن، وذلك عن طريق إنتاج، مفرط أو شحيح، للخلايا اللمفاوية.
هذه العيوب المزمنة في الخلايا اللمفاوية تشمل:
متلازمة خلل التنسّج النقوي (myelodysplastic syndrome)
اضطراب التكاثر النقوي (Myeloproliferative disorder)
كثرة الكريات الحمراء الأولية (Polycythemia vera)
التليف النقوي (Myelofibrosis).
مجموعة الحالات الطبية هذه يمكنها أن تؤدي، في نهاية الأمر، إلى ظهور ابيضاض الدم في النخاع الشوكي.
ثمة أنواع أخرى من سرطان الدم، نادرة الظهور، تشمل ابيضاض الخلايا الشعرية (Hairy cells leukemia) والابيضاض الوحيدي النقوي المزمن (Chronic myelomonocytic leukemia).
المسببات غير واضحة:
لا يعرف العلماء، حتى الآن، ما هي المسببات الحقيقية لمرض ابيضاض الدم (سرطان الدم). لكن، يبدو إنه يتولد ويتطور نتيجة اجتماع عدة عوامل وراثية متنوعة وعوامل بيئيّة، معا.
يبدأ مرض ابيضاض الدم الحاد في خلية دم بيضاء واحدة أو في مجموعة صغيرة من الخلايا التي فقدت تسلسل الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسجين (دنا) – (Deoxyribonucleic acid - DNA) التابع لها أو أن هذا التسلسل مَعيب (Defective).
تبقى هذه الخلايا غير متطورة، لكنها قادرة على التكاثر. ونظرا لأنها غير متطورة بما فيه الكفاية، وغير ميّتة كما يحدث للخلايا السليمة، فإنها تتراكم وتعرقل العمل السليم للأعضاء الحيوية في الجسم. وفي نهاية المطاف، تجهض هذه الخلايا عملية إنتاج الخلايا المعافاة والسليمة.
يهاجم مرض ابيضاض الدم المزمن خلايا الدم الأكثر تطورا. هذه الخلايا تتضاعف وتتراكم بصورة أبطأ، لذا فإن تقدم المرض يكون أبطأ، أيضا، لكنه قد يكون قاتلا. ولا يزال المختصون لا يعرفون تماما الأسباب الحقيقية لحدوث هذه العملية.
وفي المحصلة، ينشأ نقص في خلايا الدم السليمة والصحية فيحصل التلوث، النّزف المفرط وفقر الدم (Anemia).
كما إن وجود عدد كبير جدا من خلايا الدم البيضاء من شأنه أن يمس بوظيفة نسيج نقي العظم (Bone marrow tissue) والتغلغل إلى أعضاء أخرى. وحين تؤدي مثل هذه الحالة إلى الموت، فإنه يكون عادة نتيجة لفقدان الدم بشكل حاد أو نتيجة للعدوى.
عوامل الخطر
العوامل التالية قد تزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع اللوكيميا:
معالجة مرض السرطان - الأشخاص الذين أخضعوا في السابق لأنواع معينة من طرق المعالجة الكيميائية أو المعالجة الإشعاعية لمعالجة أنواع أخرى من مرض السرطان معرّضون للإصابة بأنواع معينة من ابيضاض الدم، بعد سنوات عديدة من العلاج.
الوراثة - يبدو أن انحرافات وراثية معينة من شأنها أن تؤثر على ظهور مرض ابيضاض الدم. فقد اكتشف أن أمراضا وراثية معينة، مثل متلازمة داون (Down syndrome)، تزيد من احتمال الإصابة بابيضاض الدم.
التعرض إلى الإشعاعات أو إلى مواد كيماوية معينة - الأشخاص الذين تعرضوا لمستويات عالية جدا من الإشعاعات، مثل الناجين من انفجار ذرّي أو حادث مفاعل ذرّي، معرضون، بدرجة كبيرة، للإصابة بابيضاض الدم.
كما إن التعرض لأنواع معينة من المواد الكيماوية، مثل البنزين الموجود في الوقود الخالي من الرصاص وفي دخان التبغ ويستعمل كذلك في صناعات كيميائية معينة، من شأنه أيضا زيادة احتمال الإصابة بأنواع معينة من ابيضاض الدم.
وفي كل الأحوال، فإن غالبية الأشخاص المعرضين لعوامل الخطر هذه أو المنتمين إلى مجموعة خطر معينة للإصابة بابيضاض الدم، لا يصابون به، وقسم كبير من الأشخاص المصابين بابيضاض الدم لم يكونوا من بين الذين تعرضوا لعوامل الخطر هذه.
تشخيص سرطان الدم
في أغلب الحالات، يشخص الأطباء مرض الابيضاض (اللوكيميا) خلال فحص دم اعتيادي، قبل أن تكون قد ظهرت أي أعراض.
إذا كان الوضع كذلك، أو إذا كان الشخص يعاني من أعراض قد تدل على إصابته بابيضاض الدم، فمن المحتمل أن يخضع لواحد أو أكثر من الفحوصات التالية:
فحص جسماني
فحوص دم
نمط ظاهري مناعي (Immunophenotype)
فحص تكوّن الخلايا (Cytogenic)
خزعة من نقي العظام (Bone marrow biopsy).
ربما تكون هنالك حاجة إلى العديد من الفحوصات الأخرى لتأكيد التشخيص ولتحديد نوع ابيضاض الدم ودرجة انتشاره في الجسم.
بعض أنواع سرطان الدم (اللوكيميا) مصنفة إلى مستويات، تشير على درجة خطورته ومدى تفشيه الجسم. تحديد تصنيف المرض وتدريجه يساعد الطبيب المعالج في وضع برنامج علاج سرطان الدم الأمثل والأنجع.
علاج سرطان الدم
خلافا لأنواع السرطان الأخرى، فإن ابيضاض الدم (اللوكيميا) لا يتكون من كتلة نسيجية صلبة يستطيع الطبيب إستئصالها والتخلص منها بعملية جراحية، ولذلك، فإن علاج سرطان الدم معقد جدا.
ويتعلق مدى التعقيد بعوامل أساسية هي: السن، الوضع الصحي، نوع الابيضاض (اللوكيميا) وهل تفشى إلى أعضاء أخرى في الجسم.
أما طرق علاج سرطان الدم المتبعة لمحاربة سرطان الدم فتشمل:
المعالجة الكيميائية (Chemotherapy)
مثبطات الكيناز (Kinase Inhibitors)
المعالجة الإشعاعية (Radiotherapy)
زرع النقي (Bone Marrow Transplantation)
زرع خلايا جذعية (Stem Cells Transplantation).