تاريخ النشر 13 سبتمبر 2020     بواسطة البروفيسور رياض فضل عقيل     المشاهدات 1

«الزريكون».. تجميل الأسنان على كل شكل ولون

استطاعت مادة الزريكون أن تثبت قدراتها في ظل ثورة التقنيات الحديثة في عالم طب الأسنان التجميلي، وأن تنفرد في المرتبة الأولى في مجال التركيبات السنية الجميلة والشفافة، فهي عالية الدقة في التصنيع. ونظراً لخلوّها من المعادن تقوم بالإندماج مع اللثة بشكل انسيابي مماثل للأسنان الطبيعية، فتمنع تراكم ال
طعام وحدوث التهابات اللثة المتكررة، كما أن الزريكون هو المادة الأساسية التي تصنع منها تلبيسات الفينير، أو العدسات اللاصقة، ذات الألوان الفاتحة، وتستخدم أيضاً في زراعة الأسنان وتندمج بالعظم بشكل دقيق في فترة قصيرة، مقارنة مع الزارعات المعدنية الأخرى. وفي السطور القادمة نستعرض مميزات هذه التقنية وتطوراتها.

توضح الدكتورة إيناس لونسكو، طبيبة الأسنان، أن الزريكون اكتشاف جيد ومتطور في عالم طب الأسنان، وهو مادة كريستالية غير عضوية والمسمى الكيميائي لها (زيركونيوم سيليكايت)، ويتوفر بأكثر من لون، وتبدأ من اللون الشفاف لتصل إلى الأصفر الذهبي، إضافة إلى ألوان أخرى، مثل الأحمر، والأخضر، والأزرق. ويعرف بأنه مادة خالية من المعدن، وشاع اعتماد الزريكون تاريخياً في الاستخدامات الطبية، بديلاً عن التيتانيوم أو الألمنيوم، إلى جانب استخدامات أخرى، مثل الزراعة الاصطناعية للأصابع والأذن وغيرها. فمنذ عام 1969 وهو مادة حيوية 100%، ومع ذلك استمر أطباء الأسنان في السعي إلى إيجاد مادة بديلة عن المعدن تحتوي على نفس الخصائص والمتانة والديمومة ذاتها، إضافة إلى إضفائها مظهراً «أبيض» يحاكي المعايير الجمالية العالية للأسنان.
وتستكمل: «في مقابل بعض التركيبات المعدنية التي تثير الحساسية في الجسم البشري، والتي ربما تكون لها آثار سمّيّة، يبدد الزريكون هذه المخاوف، كونه خالياً 100% من المعادن، ما يجعله ملائماً بشكل مثالي لترميم الأسنان وتيجان التلبيس، ولهذه الأسباب نفسها نجنّب المريض ذلك الوخز الشبيه بلسعة التيار الكهربائي عند استخدام المواد المعدنية في حشوة الأسنان، حين تصير على تماس مع اللعاب أو السائل النسيجي في الفم، مع الإشارة إلى أنه يمكن لهذا الوخز أن يسبب الألم وتهيّج الجلد والصداع وغيرها من الحالات غير المريحة. وفي مراحل متطوّرة يمكن لهذه الوخزات أن تؤثر سلباً على الجهاز المناعي للمريض».

خصائص الزريكون
- وتؤكد د.لونسكو، أن هناك بعض الخصائص للزريكون، التي يجب على أطباء الأسنان وتقنيي المختبرات والمرضى أخذها في الاعتبار؛ إذ تجعل منه المادة المفضلة والمثالية في طب الأسنان التجميلي، مثل:
- التوافق الحيوي: بمعني أن تكون المواد المستخدمة خاملة عضوياً، غير سمّية وغير مثيرة للحساسية.
- الميزات الميكانيكية البارزة؛ أي صلابة أفضل، وقوة وراحة في الاستخدام.
- ميزات الجودة، تعرف الزريكون بأنها مقاومة للتآكل 100%.
- المظهر الطبيعي. مادة نصف شفافة طبيعية أو بيضاء اللون.
- سهولة العلاج، الحد الأدنى من العمل التجهيزي، والاستغناء عن استخدام المواد اللاصقة، ما يعني بالتالي تخفيض الأسباب المؤدية إلى التهاب اللثة.
- المادة المثالية لتيجان التلبيس، لا تخرّقها الأشعة ولا مذاق لها.
- بالمقارنة مع غيره من مواد السيراميك، يمتاز الزريكون أيضاً بأنه مقاومٌ شديد للخدوش، وهي المقاومة التي تمنع انتشار الشقوق.
- تتميز هذه المادة بقدرتها الكبيرة على التمدد والتقوّس، مقارنة بمواد تقليدية مثل السيراميك الزجاجي، أو سيراميك أوكسيد الألمنيوم، وهذه مسألة ذات أهمية خاصة ومفيدة في تصنيع جسور الأسنان الخلفية.
- يضيف إلى الأسنان ميزات جمالية، وكذلك الثبات والتوافق الحيوي، بالمقارنة مع غيره من مواد السيراميك المستخدمة.

استخدامات الزيريكون
وتبين د.لونسكو، أن للزريكون استخدامات عدة تذكر منها:
1- تيجان التلبيس والجسور، وهي الأسنان البديلة المصمّمة لتلائم تلك الطبيعية.
2- الغرسات المصنّعة، وتتضمن زرع غرسات مصنّعة في الحالات التي تكون الأسنان فيها خضعت لعلاج الجذور، وتفتقد بالتالي للبنية اللازمة لحمل تلبيسه الأسنان.
3- الترميم الداخلي والخارجي، يستخدم في حالة افتقاد الأسنان إلى البنية الكافية لحمل الحشوة، وفي مثل هذه الحالات، يمكن لاستخدام الحشوة العادية أن يؤدي إلى احتمال كسر السن، أو سقوط الحشوة وكسر السن معاً، ويتم تجهيز حالات الترميمات الداخلية والخارجية في مختبرات الأسنان، لتأتي ملائمة للقسم المفقود من السن، وفق تقنيات متطورة في تصنيعها.
4- زراعة غرسات الدعم، وهي عبارة عن قطعة وصل توضع في الغرسة السنية، أو تبنى عليها، وتستخدم للربط بين غرسة الدعم والسن البديلة.
5- تصنيع الأقواس التجميلية للأسنان، وهي طريقة بديلة لأقواس التقويم المعدنية التي تفتقد إلى جمال الشكل، والتي تستخدم لتصحيح وضعية الأسنان، وهنا يضفي الزيركون مظهراً تجميلياً مرضياً، بفضل لونه الطبيعي.

قشرة الزريكون
وتذكر د. لونسكو، أن قشرة الزيركون، عبارة عن طبقات شديدة الرقة، توضع على الجهة الأمامية من الأسنان، لمنحها مظهراً تجميلياً ملفتاً، ولذلك ننصح الراغبين في تطبيقها بمراعاة الآتي:
- إذا كان اللون هو ما يعني المرء، فإن هذه القشرة تمنحه المظهر الأكثر بياضاً والمرغوب فيه، ولاسيما إذا لم يكن راضياً عن النتيجة التي نالها من إجراءات تبييض الأسنان المعهودة، إنما على الطبيب المختص التأكد من صحة إطباق الفكين، فإذا كانت سليمة، يمكن تطبيق قشرة الزيركون دون الحاجة إلى إجراءات مسبقة.
- إذا كان المريض يعاني عدم انتظام أسنانه، أو من إطباق غير سليم للفكين، ننصحه بتقويم أسنانه أولاً، قبل تطبيق قشرة الزيركون، والهدف من ذلك تقليل الآثار المترتّبة على بنية الأسنان لاحقاً.
- إذا كان المريض يعاني ابتسامة اللثة (وهي ظهور اللثة بشكل غير جميل عند الابتسام)، عليه أن يلجأ إلى تقنية الليزر لتحسين هذه الحالة، قبل تطبيق قشرة الزيركون، والنتيجة مضمونة في منحه ابتسامة الشباب الحيوية.

تقنية فعالة
ويشير الدكتور نيل ميشيل، طبيب الأسنان إلى أن صناعة الأسنان من مادة الزيركون، هي أحدى الآفاق الثورية في عالم طب الأسنان، حيث يعتبر بالأساس معدناً ثميناً من المواد البلورية يصنع منه الحلي والجواهر، كما أنه عنصر مركب ينتمي إلى تصنيف السيليكات (Zr Si O4 )، وهو مستقر جزيئياً بواسطة الايثيريوم، كما أكدت الأبحاث أن الزريكون يمتلك بعض الخواص والصفات الإيجابية، مثل قابليته العالية للانثناء والقساوة، كما أنه دخل فعلياً في مجال الصناعة منذ أكثر من 40 سنة. وإضافة لمقاومته العالية، يعتبر الزريكون متلائماً وحيوياً بشكل كامل، ما جعله يستخدم بشكل متزايد في المجال الطبي ( الأصابع ـ المفاصل)، حيث إنه عندما يضاف إلى السيراميك ينتج مادة خزفية أكثر قوة ومتانة، كما أن لونه الأبيض وشفافيته العالية وإمكانية تلوينه بألوان عاج الأسنان وخصائصه «التكنو ـ حيوية» جعلته متلائماً وحيوياً بجودة عالية في مجال طب الأسنان التجميلي والتعويض عن الزرع.
ويضيف: «مع تقدم التكنولوجيا واستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D، فإن استعمال مثل هذه المادة سيجلب المزيد من الفوائد، أهمها توفير الوقت والتكلفة أيضاً، لذلك؛ فإن اكتشاف هذه المادة بحق هو ثورة في عالم طب الأسنان. ومن المعلوم أن هناك طريقتين لعمل تعويضات الأسنان الزريكونية، وهما الطريقة التقليدية اليدوية، حيث تؤخذ عضة شمعية فوق الكومبوزيت وترسل إلى المختبر، أو من خلال التخطيط بواسطة الكمبيوتر والحفر بواسطة جهاز موصول به. ويعتبر الزيركون مادة جديدة وثمينة في عالم طب الأسنان استطاعت بقدراتها العجيبة أن تسيطر على عالم طب الأسنان الحديث، فهذه المادة لها عدة خصائص تميّزها عن المواد السابقة التي تستخدم في صناعة طب الأسنان» ومنها:
1- الحيادية التامة، كما أنها تنشط عملية الاندماج مع اللثة المحيطة بالتلبيسات أو التيجان، وبذلك تخفي المشاكل التي كان يعانيها الناس من التهابات في اللثة ورائحة الفم الكريهة.
2 - الشفافية، حيث إن معدن الزريكون الشفاف يعطي بُعداً جمالياً رائعاً للتركيبات.
3- القدرة على مقاومة الكسر، حيث تغلبت مادة الزريكون على المواد الأخرى؛ كونها تمتلك خاصية اكتسبتها بفضل طبيعة تركيبة بلوراتها، التي يمكنها أن تنفصل عن بعضها بعضاً وتعود إلى وضعها السابق في حال تعرضت لضغوط قوية، وبفضل هذه الخاصية أصبحت هناك إمكانية أكبر لصناعة جسور طويلة.
4- في كثير من الأحيان العديد من حشوات الأسنان مثل التيجان والجسور لديها إطار معدني يستند إليه الخزف؛ لذلك على الرغم من المتانة، ظل هناك عيب جمالي من حيث اللون. أما في التركيبات التي تصنع من مادة الزركونيا، يمكننا صناعة كافة الجسور بعيداً عن استعمال الإطار المعدني، وتظل التركيبة قوية ومتينة كما أنها أكثر جمالاً وأقرب للطبيعية، فتمنح المريض عند تركيبها مزيداً من السرور.
5 ـ يمكن عمل جسور وتلبيسات وفينير ذات ألوان فاتحة «ابتسامة هوليود».

الزريكون بديل علاجي
وعن مادة الزريكون وتركيبتها الكيميائية، يبين الدكتور زياد العاني، اختصاصي تعويضات الأسنان، أن هذه المادة تم اكتشافها من قبل العالم الألماني كلابروث عام 1789، وهو من مركبات السيليكون، ودخل في الصناعات منذ قرابة 45 عاماً، ولكن استعمالاته الطبية حديثة العهد نسبياً، وبدأ استخدام حجر الزريكون في تعويضات الأسنان في تسعينات القرن الماضي، وانتشر بشكل كبير كبديل علاجي للأشخاص الذين يعانون التحسس اللثوي للمعادن، أو الراغبين في الحصول على تركبيات أسنان تجمع بين الصلابة العالية والجمالية. والجدير بالذكر أن الزريكون المستخدم في مجال طب الأسنان تم تطوير تقنيات تصنيعه وخواصه الفيزيائية والكيميائية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بحيث أصبح بالإمكان تصميمه ونحته، وذلك من خلال تصميم التركيبات السنية بشكل افتراضي ثلاثي الأبعاد على أجهزة الكمبيوتر، ثم يتم الإيعاز لجهاز النحت آلياً بتنفيذ العمل.

أضرار الزريكون
ويؤكد د. العاني أن الزيركون بحد ذاته مادة خاملة ولم يتم تسجيل حالات تحسس أو التهابات فموية مرتبطة باستعمالها، ولكن هذا لا يعني عدم وجود أضرار مرتبطة بأخطاء التصميم والتصنيع، كعمل تيجان الأسنان بحافات بارزة من ناحية اللثة، ما يسبب تراكم البلاك وبقايا الطعام، ويؤدي إلى حدوث التهاب اللثة وتسوس الأسنان، وكذلك الحال بالنسبة للحافات القصيرة (المفتوحة) أو الحافات الضاغطة أكثر من اللازم، إضافة إلى ذلك يمكن للزريكون أن يسبب تآكل السن المقابل على المدى البعيد، نتيجة المضغ؛ كونه عالي الصلابة، خاصة إذا لم يكن سطح التركيبة صقيلاً بشكل كافٍ، ويكثر ذلك عند الأشخاص الذين يعانون الشد المبالغ للأسنان أو ما يسمي (الكز).
ويستكمل: «ولا يعني ذلك أن هناك مادة تركيب أسنان أفضل من غيرها، فجميع المواد معترف بها دولياً وملائمه صحياً، ولكن لكل منها دواعي استعمال محددة، وأخيراً يبقى اختيار مادة التركيب مرتبطاً بالوضع الخاص للمريض ويعود القرار فيه لطبيب الأسنان بعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل عديدة، مثل عدد الأسنان المفقودة واحتمالية التحسس والاعتبارات التجميلية والتكلفة المادية».

السيطرة على الالتهابات
مرت زراعة الأسنان بخطوات كثيرة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، فكانت تواجه دائماً مشكلة التهابات اللثة المزمنة، التي تصاحب زراعة الأسنان، ولكن بفضل الأبحاث العلمية في هذا المجال تم استخدام مادة الزريكون النقي الخالي من المعدن في زراعة الأسنان، وبفضلها تمت السيطرة على كثير من مشاكل التهابات اللثة التي ترافق بعض حالات الزراعة، وذلك بفضل حياديتها تجاه اللثة والتحامها التام معها، كما تلتحم الأسنان الطبيعية مع اللثة المحيطة بها.
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/ba404db7-33b7-467e-bd10-13edfdf78f6c#sthash.23LZQmKw.dpuf


أخبار مرتبطة