اجسه وأحلامه، فتشكل حسب ما طمح، ولم يتوقف عن الركض، ولم يمل من الطموح ولم يتعب من التعب. ففور عودته إلى محيط أزمنته الأولى، لم يعتبر هذه العودة محطة أخيرة بعد رحلة عابرة، بل بوابة لرحلات متكررة ولو في نفس المحيط. لذا من يتملى سيرته لا يجد رجلاً مهموماً بالاغتراب بل موسوماً بالتحدي، فمن جازان حتى عسير مروراً بصبيا، رسّخ أقدامه في علم المناظير، المجال الأحب إليه، والذي وجد فيه ضالته العلاجية، ولتعزيز هذه المعرفة ورفد هذا الشغف مضى بعيداً باتجاه هامبورغ ألمانيا فحصل على شهادة دورة المناظير المتقدمة لأمراض الجهاز الهضمي. وإذا كانت جامعة الملك سعود هيأته ومستشفيات الجنوب صنعت هويته، فإنّ هذه الدورة كرست خياراته وعمقت معارفه ومواهبه.
وبين المهام الجراحية والمسؤوليات الإدارية والأعمال الإشرافية وتقديم الدورات وغيرها من المسؤوليات التي أنيطت به، كان عواجي يعرّف نفسه بأنه طبيب جراح واختصاصي مناظير، فهذه مهمته الأساسية التي أخلص لها ولا يزال يمارسها رغم كل مغريات العمل الإداري، لأنه لم يختر هذا الاختصاص ليستقر بل ليساهم في صنع لحظات الشفاء الموشومة بالفرح.
ومن يستعيد سيرة النعمي لا يجد مهام وأبحاثاً تنظيرية، إذ كتب له التاريخ الطبي مباشرة 11 حالة طبية نادرة بشأن القدم السكرية، وتأليف 4 كتب طبية عميقة، نشرت كلها باللغة الإنجليزية.. وما دمنا في طرف الكتابة، فعواجي ليس كاتباً مختصاً في شؤون الطب وهواجس الصحة فحسب، بل هو أيضا كاتبٌ مشغولٌ بهموم الوطن ومشاغل المواطنين، ووجد في المقال الأسبوعي منبرا للبوح بكل هذه التجليات.