تاريخ النشر 12 ديسمبر 2010     بواسطة الدكتور ليث احمد ميمش     المشاهدات 1

نصائح طبية للحجيج

الحج موسم إسلامي فريد، يتجمع فيه على بقعة واحدة ولعدة أسابيع أكثر من مليوني مسلم من جميع أنحاء العالم.. ولا شك أن الحج يفرض على الحاج عددًا من الأمور، فهناك مصاعب السفر، والمشي أثناء تأدية الشعائر الدينية. وتقلبات الجو في مكة المكرمة والمدينة المنورة أثناء فصل الصيف.. ولا غرابة إذن أن يشعر العد
يد من الحجيج بالتعب والإرهاق نتيجة التعرض لطارئ التغيرات، كما أن ذلك قد يزيد الأعباء الملقاة على القلب والصدر أو الكليتين عند المصابين بمرض في هذه الأعضاء.
ولما كانت تأدية مشاعر الحج تتم في وقت محدد، فإن العديد منهم يتردد في طلب الاستشارة الطبية، كما أن هناك عددًا منهم يتعجل في طلب الخروج من المستشفى كي لا تفوته إحدى شعائر الحج، ومما يسعد النفس أن نجد عددًا من الدراسات الطبية قد نشرت حديثًا في بعض المجلات الطبية. فكانت من بينها دراسة عن ضربات الشمس التي يتعرض لها الحجاج، وأخرى عن المشاكل الطبية والجراحية التي تحدث عندهم بشكل عام، ودراسات عن المشاكل الكلوية وأخرى عن التهاب السحايا وغيرها..
التهاب الأمعاء أكثر الأمراض انتشار في الحج: نشر الدكتور حسن الغزنوي من جامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1988 م دراسة نشرت في مجلة Saudi Medical Journal قد أجريت على عدد من الحجيج، وأظهرت الدراسة أن لتهاب المعدة والأمعاء كان أكثر الأمراض شيوعًا بين الحجيج، وخاصة عند المصريين والسوريين. وكان المسنون أكثر عرضة للإصابة به.
أما المرض الثاني فكان التهاب الرئة: حيث ترافق بنسبة عالية من الوفيات عند من هم فوق الخمسين، ولكن السبب الرئيس للوفيات عند الحجاج كان ( ضربة الشمس Heat Stroke ) حيث كانت مسئولة عن 28% من الوفيات عند الحجاج. وكان الْمُسِنُّون والنساء أكثر عرضة للوفاة من الاختناق بسبب الازدحام أثناء رمي الجمرات.
أمراض القلب عند الحجيج: لا شك أن هناك العديد من مرضى القلب الذين يأتون إلى الحج كل عام. وقد قام الدكتور محمد يوسف من مستشفى الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة بإجراء دراسة في موسم حج عام 1413 هـ، وخلال ذلك الموسم أدخل 754 حاجًا إلى المستشفى مصابًا بمشاكل طبية باطنية. وكانت نسبة المصابين بالأمراض الصدرية 73 % من الحالات، في حين كان نسبة المصابين بمرض قلبي 61 %. وكان ربع مرضى القلب مصابًا بمرض في شرايين القلب التاجية، أما الربع الآخر فكان مصابًا بارتفاع ضغط الدم.
وبلغت نسبة الذين أصيبوا بجلطة في القلب 16 % من الحالات. وللأسف فقد كان معظم المرضى مصابًا بأكثر من مرض واحد.. وقد توفي خلال تلك الفترة 57 حاجًا، وكانت جلطة القلب مسئولة عن نصف هذه الوفيات.
وأكد الباحث في بحثه الذي قدم في اجتماع جمعية أمراض القلب عام 1995 م أن توقف المرضى عن تناول الدواء كان السبب وراء دخول الكثيرين منهم إلى المستشفيات.. ومن المشاكل التي يواجهها الأطباء في معالجة الحجاج صعوبة التفاهم مع المريض بسبب عائق اللغة، وعدم وجود تقارير طبية لدى المرضى تنبئ عن حالتهم الصحية قبل مجيئهم إلى الحج.
ضربة الشمس عند الحجيج
ضربة الشمس حالة طبية إسعافية تتميز بارتفاع درجة حرارة الجسم إلى ما فوق 40 درجة مئوية، وانعدام التعرق، وحدوث اضطرابات في الجهاز العصبي تتراوح ما بين الاختلاط الذهني وفقدان الوعي (السبات). وفي المملكة العربية السعودية، وحيث الحرارة أثناء فصل الصيف قد تصل إلى 48 درجة مئوية، إن حالات ضربة الشمس عادة قليلة عند السكان المحليين نظرًا لاعتيادهم على تحمل مثل تلك الدرجات. ولكن حدوث ضربة الشمس يزداد بشكل واضح أثناء موسم الحج، حينما يأتي فصل الصيف، عند الوافدين من الحجاج.
وتحدث حالات ضربة الشمس عادة في الأسبوعين الأولين من شهر ذي الحجة على الطريق المؤدية من مكة المكرمة إلى عرفات فمنى فمكة المكرمة، بسبب الزحام والجو الحار وعوامل أخرى عديدة.. وقد وضُعِت ترتيبات خاصة للوقاية، ولعلاج حالات ضربات الشمس في مراكز متخصصة في مكة المكرمة ومنى وعرفات.. وتحتوي هذه المراكز على وحدات خاصة لتبريد الجسم أطلق عليها اسم "وحدات مكة المكرمة لتبريد الجسم"، وقد نشرت المجلة الطبية السعودية عام 1986 م دراسة قورنت فيها طريقتان من طرق التبريد، الأولى: وهي طريقة التبريد السريع بواسطة "وحدة مكة المكرمة لتبريد الجسم"، وأما الثانية: فكانت الطريقة التقليدية البسيطة للتبريد، وذلك بتغطية جسم المريض بصفائح من الشاش المرطب مع رذاذ الماء العادي في درجة حرارة الغرفة على المريض، وتعريضه لتيار هوائي من جميع الاتجاهات بمراوح كهربائية. ولم يكن هناك أي اختلاف يذكر في زمن التبريد، أو النتائج النهائية بين المجموعتين، مما يوحي بأن الطريقة العادية والبسيطة ما زالت وسيلة فعالة في علاج هذه الحالات. ويعزو الباحثون سبب كثرة حدوث ضربة الشمس عند الحجيج إلى عدة عوامل منها:
1. ارتفاع حرارة الجو والرطوبة أثناء الليل عندما يكون موسم الحج في الصيف.
2. ازدحام الحجيج وما ينجم عنه من قلة حركة الهواء.
3. عدم التعود على الجو الحار.
4. الأعمال المجهدة التي يقوم بها الحجاج كالمشي، وخاصة في منتصف النهار وإصرار بعض الحجاج على صعود جبل الرحمة يوم عرفات، والمسير لعدة كيلومترات.
5. ازدحام السيارات والباصات، وعدم وجود مكيفات هوائية في العديد منها.
6. الإصابة السابقة للعديد من هؤلاء المرضى بأمراض مختلفة كمرض السكر والأمراض القلبية وغيرها.
7. البدانة
8. الجفاف.
9. الشيخوخة.
التغيرات القلبية في ضربة الشمس
نشرت مجلة Journal of Saudi Heart Association عام 1994 م عددًا من الدراسات التي قدمها الباحثون في مؤتمر أمراض القلب الذي عقد في مدينة الدمام في شهر كانون الثاني يناير 1994 م. ومن هذه الأبحاث بحث قدمه الدكتور ليث ميمش من مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، حيث قام وزملاؤه بدراسة التغيرات التي تحدث في تخطيط القلب عند 28 مريضا أصيب بالإعياء الحراري Heart Exhanstion و 34 مريضًا أصيبوا بضربة الشمس. وتبين أن تخطيط القلب كان غير طبيعي عند 29 من أصل 34 مريضًا.
وكان تسرع القلب الجيبي Sinus Tachycardio هو الصفة الغالبة عند كثير من المرضى. كما كانت هناك تبدلات في تخطيط القلب توحي بوجود نقص في تروية العضلة القلبية، وقدم الأستاذ الدكتور محمد نوح من مستشفى جامعة الملك خالد بالرياض دراسة أجريت على 51 حاجًا مصابًا بضربة الشمس بواسطة تخطيط القلب بالأمواج فوق الصوتية. فتبين أن 17 % من هؤلاء كان مصابًا باضطراب موضعي في حركية عضلة القلب. كما حدث انصباب في التامور (الغشاء المغلف لعضلة القلب) في ربع الحالات.
الأمراض الطفيلية في الحج: أجرى الدكتور سروات من مستشفى النور بمكة المكرمة دراسة نشرت في مجلة J.Egypt Soc. Parasitology عام 1993 م حول نسبة حدوث الأمراض الطفيلية عند الحجاج. فكان من أكثرها شيوعًا حدوث الإسهالات نتيجة الإصابات بطفيلي الجيارديا. وهو مرض شائع الحدوث في البلدان النامية، ويمكن التعرف على هذا المرض بواسطة فحص البراز. كما يمكن معالجته بسهولة بواسطة عقار يدعىFlagyl  Metronidazole كما شوهدت بعض حالات من الملاريا والبلهارسيا. وأكد الباحثون أن فحص البول والبراز يظل وسيلة فعالة جدًّا في تشخيص هذه الأمراض.
ينصح الحاج قبل مجيئه بمراجعة طبيبه، والحصول على تقرير طبي بالحالة المرضية كما ينصح بالتزود بكمية كافية من الدواء كي لا ينقطع عن تناول أدويته الموصوفة له من قبل. وهناك عدد من الوصايا العامة للحجاج أهمها :
1. الاعتناء بنظافة الطعام والشراب، وغسل الخضراوات والفواكه جيدًا.
2. تجنب التعرض للشمس لفترات طويلة، والابتعاد عن أماكن الازدحام قدر الإمكان
3. أخذ قسط كاف من الراحة والنوم.
4. ارتداء الملابس القطنية الخفيفة الواسعة والفاتحة اللون.
5. الإكثار من السوائل في الأيام الحارة وخاصة في يوم عرفات.
6. الإقلال من المجهود العضلي كالمشي في الأسواق عند اشتداد حرارة الجو
7. استشارة الطبيب فور الشعور بأي توعك أو مرض. 


أخبار مرتبطة