تاريخ النشر 2 فبراير 2019     بواسطة الدكتور محمد عبدالله سعيد العمري     المشاهدات 1

«اللشمانيا» تفتك بأجساد الأطفال

لا يمر يوم دون تسجيل إصابات جديدة بمرض «اللشمانيا» الذي تنقله ذبابة الرمل، فيما تخطو الجهات المعنية خطوات بطيئة مع المرض وغياب برنامج وطني لمكافحة المرض، وذلك انتظارًا لشحنة أدوية قادمة من إيطاليا عقب اكتشاف عدم صلاحية شحنة تجريبية قادمة من الهند، وسط قصور في الإمكانيات. ويقدر مدير مركز مكاف
حة الأمراض بدر الدين النجار، لـ«الوسط» أعداد المصابين بالمرض بنحو أكثر من 5 آلاف حالة مرضية مسجلة دون توفير دواء لهم، محذرًا من استمرار تزايد أعداد وانتشار المرض في مناطق شمال غرب ليبيا من تاورغاء حتى راس اجدير، ومناطق الجبل الغربي حتى مزدة، باسثناء المدن لأن الحشرة المسببة للمرض من القوارض الصحرواية.

للاطلاع على العدد 167 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

وتنتشر اللشمانيا الجلدية أو ما يعرف بـ«القرحة الشرقية» في ليبيا، وهو مرض موسمي ويسبب تشوهات للجلد في حالة عدم وجود علاج عاجل، لأن منطقة التقرح الجلدي تتسبب في تلف الجلد يستمر دائمًا. فيما تقول مصادر طبية إن مرض اللشمانيا طفيلي المنشأ ينتقل عن طريق قرصة ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة جدًا لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية لونها أصفر، وتنتقل قفزًا ويزداد نشاطها ليلًا ولا تصدر صوتًا، لذا قد تلسع الشخص دون أن يشعر بها، وتنقله ذبابة الرمل طفيلي اللشمانيا عن طريق مصّه من دم المصاب (إنسان أوحيوان كالكلاب والقوارض) ثم تنقله إلى دم الشخص التالي فينتقل له، وينتشر المرض في المناطق الزراعية والريفية.

وتظهر اللشمانيا الجلدية بعد أسابيع عدة من لسعة ذبابة الرمل على شكل حبوب حمراء صغيرة أوكبيرة ثم تظهر عليها تقرحات، ويلتصق على سطحها إفرازات متيبسة، ولا تلتئم هذه القروح بسرعة، وتكبر القرحة بالتدريج، وخاصة في حالة ضعف جهاز المناعة عند الإنسان، وتظهر عادة هذه الآفات في المناطق المكشوفة من الجسم، تتراوح مدة الشفاء منها من ستة أشهر لسنة.

ومنذ العام 2007 نجحت ليبيا في القضاء على مرض اللشمانيا عبر عدة برامج وطنية لمكافحة المرض، بعد أن سجلت 2341 حالة خلال عام 2005، في حين بلغت أعداد الإصابات بالقرحة الشرقية 1877 حالة في العام 2006 في شمال غرب البلاد.لكن مدير مركز مكافحة الأمراض يقول « لا يوجد برنامج وطني لمكافحة اللشمانيا، ومكافحة المرض تعتمد على مكافحة القوارض والذبابة الرملية»، مشيرًا إلى وجود «تعقيد إداري في الدورة المستندية لفتح اعتمادات لتوريد الدواء».

وتتخطى عدد الإصابات السنوية باللشمانيا عالمياً ، وفق احصائيات منظمة الصحة العالمية ، الـ1.3 مليون ، والوفيات بين 20 و30 ألفا سنوياً. ويعاني القطاع الصحي في البلاد من حالة انهيار شبه تام طيلة الأعوام الماضية ، لقلة المخصصات المالية الحكومية ، إلى جانب مغادرة معظم العناصر الطبية والطبية المساعدة الأجانب بسبب تدهور الوضع الأمني .

ويوضح أحمد القراري، مدير الأمراض المشتركة في المركز الوطني لمكافحة الامراض أن ميزانية برنامج مكافحة مرض اللشمانيا متوقفة منذ سنوات ، السبب الذي أدى لغياب المكافحة الدورية للأماكن المستوطن فيها الداء .
وحول استعداد مركز المكافحة لمواجهة الأزمة ، قال«لدينا فريق وخطة عمل على أتم الاستعداد للتعامل مع التفشي، مع خطة معدة ومجهزة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ، إضافة إلى كوادرنا المهنية الجاهزة من عين المكان».

وتوقف تعامل مركز الأمراض مع الشركة الإنجليزية المصنعة للدواء بشكل مباشر، وهو ما أرجعه مدير المركز إلى «ديون لدى هذه الشركة على الدولة الليبية»، ومن المقرر وصول شحنة أدوية من إيطاليا تشمل 5000 حقنة لمرض اللشمانيا الجلدية في غضون عشر أيام إلى طرابلس، وفق تصريحات صادرة عن وزارة الصحة.

في هذه الأثناء، كشف الناطق باسم وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني أمين الهاشمي حقيقة شحنة الأدوية القادمة من الهند لعلاج مرض اللشمانيا، ورفض مركز الرقابة على الأدوية الشحنة كونها غير مطابقة للمواصفات. وأوضح في تصريحات إلى «الوسط» أن وزارة الصحة لجأت إلى وزارة الخارجية لمخاطبة جميع السفارات الليبية بالخارج من أجل الحصول على دواء مخزون لدى الشركات المصنعة، لأن الدواء يصنع وفق الطلبية.

وأشار الهاشمي إلى أن «بعض الشركات الهندية تخزن أدوية اللشمانيا، وقد أرسلت عبر سفارة ليبيا بالهند 95 حقنة تجريبية عبوة سعة 100 ملليمتر من مصانع هندية»، وأضاف «مركز الرقابة على الأدوية فحص الشحنة عقب وصولها إلى البلاد، وتبين أنها تستخدم لعلاج نوع آخر من اللشمانيا غير موجود في ليبيا».

للاطلاع على العدد 167 من جريدة «الوسط» اضغط هنا

بدوره، قال مدير مركز مكافحة الأمراض: «هناك شركات هندية محدودة معتمدة لدى منظمة الصحة العالمية،وهي تصنع دواء درجة ثانية لمرض اللشمانيا»، لكنه أضاف «للأسف الدواء الذي جلبتة وزارة الصحة غير مطابق للمواصفات وبه شوائب، فضلًا عن الشركة المصنعة غير معروفة لدى منظمة الصحة العالمية». ونوه إلى أن المواصفات الفنية والأدوية المطلوبة لعلاج المرض موجودة لدى وزارة الصحة، ومركز الإمداد الطبي بشأن الاستعجال في توريد الدواء، وأضاف أن «الجهات الحكومية تماطل بسبب نقص الأموال لتوريد الدواء».


أخبار مرتبطة