الجراحات التي تهدف للتشخيص أو العلاج بواسطة الاستعانة بجهاز تلسكوبي دقيق الذي يتم إدخاله إلى الجسم من أجل فحص التجويفات الداخلية. وما يميز هذا العلاج هو أنه يمكننا من التشخيص والعلاج الجراحي للكثير من الأمراض التي تصيب أعضاء البطن والحوض دون الحاجة للقيام بشق جراحي.
تم وصف المنظار لأول مرة في سنة 1806 عندما قام فيليب بوزيني ببناء جهاز يعتمد على أنبوب بسيط وعلى شمعة كمصدر للضوء، من أجل كشف مجرى البول من الداخل. بينما في مجال طب النساء تم تنفيذ أول فحص بواسطة هذه الطريقة في سنة 1869 عن طريق بانتيليوني. بحيث حاول الكشف عن أورام حميدة لدى امرأة عانت من نزيف غير منتظم عن طريق تنظير المثانة (جهاز منظاري معد لفحص المثانة). في سنة 1901 فحص جورج كيلينغ بواسطة تنظير المثانة تجويف البطن لدى الكلاب. بحيث قام بضخ هواء منقى إلى تجويف البطن من أجل علاج النزيف البطني في الحالات مثل الحمل خارج الرحم (Ectopic pregnancy)، والقرحة (ulcer) النازفة وغيرها.
تم ابتكار المصطلح تنظير البطن لأول مرة عن طريق جاكوبيوس السويدي في سنة 1911 عندما قام بواسطة منظار المثانة بتنظير تجويف البطن والصدر. كما قام راؤول بالمار من باريس في سنة 1944 بجراحات نسائية بواسطة تنظير البطن بحيث تستلقي المرأة ورأسها للأسفل ويتم نفخ تجويف البطن بواسطة غاز معين. مما يمكن من رفع جدار البطن وإبعاده عن الأعضاء الداخلية، وبالإضافة إبعاد الأعضاء غير المرغوب بها عن موقع الجراحة المطلوب. في البداية كان مصدر الضوء الذي تم استخدامه لإجراء الجراحة يوضع في داخل البطن، مما عرض المرضى لخطر الحرارة والكهرباء. لذا تم في سنة 1952 تطوير جهاز ضوئي بارد والذي يكون فيه مصدر الضوء متواجد خارج الجسم. التطورات الكبيرة في مجال البصريات والتصوير والالكترونيات ودمجها مع التقنيات الطبية في العقود الأخيرة أدى إلى تطور تقنيات جراحية جديدة التي كان قد تم تهميشها لسنوات عديدة.
تقنية الجراحة بواسطة التنظير البطني تعتمد على عدة مراحل ثابتة، والتي تشمل: استلقاء المريض والقيام بتخديره بشكل تام، إدخال إبرة خاصة من خلال جدار البطن وضخ غاز ثاني أكسيد الكربون من خلالها من أجل نفخ تجويف البطن، ثم يتم إدخال منظار البطن لداخل تجويف البطن بواسطة كم خاص بقطر 1 سم يتم إدخاله عادة عبر السرة، يتم تفحص البطن والحوض بواسطة الصورة التي تنتقل عن طريق منظار البطن إلى الشاشة، ثم يتم إدخال أدوات الجراحة عبر 2-3 شقوق صغيرة جدا في البطن، والقيام بالعملية المخطط لها.
في يومنا هذا يتم استعمال تنظير البطن في عدة عمليات جراحية في مجالات مختلفة مثل الجراحة العامة، النسائية، جراحة المسالك البولية وغيرها.
يتم تصنيف الاجراءات التنظيرية لغرض التشخيص أو لغرض الجراحة. يتم القيام بتنظير البطن لغرض التشخيص في الحالات التي يكون هنالك شك بتواجد مشكلة في البطن أو الحوض، وعدم المقدرة على تشخيص المشكلة بشكل دقيق بطرق غير باضعة, مثل حالات الألم المزمن في الحوض وعدم الخصوبة وغيرها. كما أنه من الممكن أن تنفذ أيضا كجزء من المعاينة بعد التعرض لحادث في منطقة البطن، من اجل تشخيص الحالات مثل تمزق الحجاب الحاجز أو الطحال أو نزيف في تجويف البطن وغيرها. أو عندما يكون هنالك شك بضرورة القيام بشق البطن. يتم استعمال تنظير البطن من أجل الجراحة في العديد من الحالات مثل: استئصال المرارة، استئصال الزائدة الدودية، والجراحة لعلاج الارتجاع المعدي المريئي، واستئصال القولون واستئصال الطحال، وعلاج الفتق الأربي وغيرها. في مجال طب النساء، استخدام هذه التقنية شائع عند: استئصال الخراجات المبيضية بالإضافة للمحافظة على الأنسجة المبيضية الطبيعية، إصلاح قنوات فالوب، ازالة قنوات فالوب والمبايض، التعقيم (ربط قنوات فالوب)، علاج الحمل خارج الرحم، علاج الالتواء المبيضي، علاج بطانة الرحم، علاج متلازمة تكيس المبايض، علاج الخراج البوقي المبيضي، ازالة الالتصاقات، استئصال الرحم، إزالة الأورام الليفية من جسم الرحم مع الحفاظ على الرحم (بسبب عدم الخصوبة)، وفي السنوات الأخيرة يستخدم لعلاج مشاكل قاع الحوض والجراحات النسائية - السرطانية.
هنالك العديد من الايجابيات للتنظير بالمقارنة مع طرق الجراحة العادية السائدة التي تشمل شق البطن. من بين هذه الايجابيات نجد: التعافي السريع، والحد من مدة الرقود في المستشفى، التخفيف من حدة الآلام، ونتيجة لذلك الحد من استهلاك مسكنات الألم، نتائج جمالية أفضل بشكل ملحوظ، والحد من المضاعفات، وخاصة مضاعفات الشق الجراحي مثل العدوى والفتق. نتيجة لكل هذه الايجابيات يتم التوجه للتنظير على انه الامكانية الجراحية المفضلة في عدد كبير من الأمراض التي تحتاج للجراحة. من المتوقع ظهور العديد من الابتكارات والتطورات في مجال جراحة التنظير في المستقبل. حتى الآن نقف عند مصب العصر الذي سيتم به تنفيذ العملية الجراحية بالمنظار ورؤية صورة ثلاثية الأبعاد، بمساعدة رجل آلي وإمكانية التحكم فيه عن بعد.