تاريخ النشر 6 مايو 2017     بواسطة الاستشاري سيف العبيسي     المشاهدات 201

مشاكل الرؤية واضطراباتها لدى الأطفال

عدا عن القيام بفحص دوري لدى طبيب العيون، هنالك علامات ودلالات بوسعكم أن تلاحظوها. مشاكل الرؤية واضطراباتها لدى الأطفال لدى الرضع والأطفال، لا تكون الأعراض الناجمة عن مشاكل الرؤية واضحة دائماً. ومع ذلك، فإن هنالك علامات بارزة قد تشير إلى وجود مشكلة تستلزم إجراء فحص لدى أخصائي النظر. بكل الأحوا
ل، من المحبذ إجراء فحص نظر في جيل السنة الأولى، وبعد ذلك -وبشكل دوري- مرةً كل عام.
في السنة الأولى من حياة الطفل، يجب أن تكون قدرته على الرؤية في أقصى حدودها (أو كما يقال 6/6)، وأن تكون عيناه قادرتين على رؤية الألوان ورؤية العمق (الرؤية ثلاثية الأبعاد).
لكي تكون قدرة الطفل على الرؤية سليمة، يجب أن يكون الرابط الذي يصل بين العين والدماغ سليماً. فكل اضطراب في الرؤية قد يسبب خللاً في الإشارات التي يتم إرسالها إلى الدماغ، فتحدث -نتيجةً لذلك- مشاكل في الرؤية مثل: الحول (Strabismus) أو الغمش (Amblyopia). إذا لم يتم تشخيص وعلاج هذه الحالات في الوقت المناسب، فإنها من الممكن أن  تصبح مشاكل دائمة.
بالإضافة إلى ذلك، عند إجراء فحص مبكر، بالإمكان الكشف عن وجود أمراض خلقية في العيون مثل الساد (الماء الأبيض - Cataract)، الزرق (Glaucoma)، وغيرها من المتلازمات والأورام.
في هذا المقال, سنستعرض العلامات التي قد تشير إلى وجود مشاكل في الرؤية، والتي يتيح تشخيصها وعلاجها في مرحلة مبكرة إمكانية الحصول على رؤية سليمة.
العلامات التي قد تشير الى وجود مشكلة في الرؤية لدى الرضع:
الحول- يتمثل بانحراف إحدى العينين، بينما نكون العين الثانية تنظر باتجاه أو نحو غرض معين. عندما تنظر عين واحدة نحو اتجاه مختلف، فإن الدماغ يتجاهل الصورة التي تصل إليه عبر هذه العين. حين يكون الحديث عن تطور الرؤية لدى الرضع، فإن عدم معالجة هذه المشكلة يعني أن تصبح العين المصابة بالحول عيناً كسولةً، أي مصابة بالغمش، وهو الأمر الذي يؤدي لفقدان الطفل القدرة على الرؤية المزدوجة.
عند الاشتباه بإصابة إحدى العيون بالغمش في الوقت المناسب، يكون بالإمكان إصلاح الخلل بواسطة النظارات وتغطية العين السليمة من أجل تدريب العين الكسولة. إذا لم تتم معالجة الخلل في الوقت المناسب، فإن الدماغ سيعتاد على تلقي صورة جزئية ولن يقوم ببناء صورة استناداً على معلومات من كلتا العينين. هنالك تأثيرات كبيرة لهذا الأمر على نمو الطفل في مجالات أخرى: في الفعاليات التي تتطلب مهارات حركية دقيقة مثل الرسم والكتابة مستقبلاً، وكذلك في تقييم وتقدير المسافات.
لدى الرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات، تتم معالجة الحول والغمش في معظم الحالات بواسطة النظارات، والتي عادةً ما يتم استبدالها كل عدة أشهر،  وكذلك بواسطو تغطية العين السليمة. مؤخراً، أصبح بالإمكان علاج حالات الغمش بعد سن الثامنة وفي المراحل العمرية الأكثر تقدما، بمستويات معينة، عن طريق تدريب الدماغ بواسطة أداء تمارين تعوض عن الخلل في الرؤية، وذلك عبر تقنية Neurovision، التي تشمل التمرين بواسطة برنامج خاص على الحاسوب يخلق عملية تعليم عصبية، تتيح للدماغ أن يحول الصور غير الحادة التي تصله من العين المصابة بالغمش، إلى صور حادة.
عندما يكون الحول شديداً، يتم إجراء عملية جراحية من أجل تغيير مكان عضلات مقلة العين المصابة وتصحيح الانحراف.
لا تعالج العملية الجراحية العين المصابة بالغمش.
كذلك، فإن مد البصر (Hyperopia) الذي لا يتم تشخيصه، قد يؤدي إلى الحول أو الغمش. لذا، فإن الأمر يستدعي إجراء فحص الانكسار العيني –Refraction  (لملائمة نظارات)، والذي يشمل اتساع حجم البؤبؤ.
ينجم الميل لإغلاق عين واحدة عن خلل في التزامن البصري للعينين معاً، وهو الأمر الذي يؤدي للرؤية المزدوجة.
الإقتراب من الأغراض- إذا كان الطفل يميل للاقتراب من الأغراض ولا يستطيع أن يقوم بفعاليات تتطلب تنسيقاً بسيطاً، فقد يكون هنالك خلل في قدرته على الرؤية بسبب مشكلة في الانكسار العيني (أي أنه بحاجة لنظارات). مع ذلك، يجب الانتباه أحيانا إلى أن الأطفال يميلون للاقتراب -عادةً- من شاشة التلفزيون، غير أن هذا الأمر تحديداً لا يدل على وجود مشكلة في الرؤية. يعود تفسير هذا إلى أن عدسة العين لديهم قادرة على التركيز بشكل كبير، وبالتالي يكون بوسعهم رؤية أشياء لا يستطيع البالغ رؤيتها من مسافة قريبة جداً. الاقتراب من الشاشة يعطيهم شعورا بأنهم قريبون من الشخصيات التي تظهر على الشاشة وأنهم جزء من الأحداث.
تباين في حجم البؤبؤ في العينين– يتطلب إجراء فحص لدى طبيب مختص بالأعصاب، أو طبيب أعصاب العيون. في إطار هذا الفحص يتم تقطير قطرات مختلفة من أجل فحص ما إذا كان رد الفعل البؤبؤين متساوياً.
إذا كان الطفل يعاني من تباين في البؤبؤين ومن تدلي الجفن (Ptosis)، فإن ذلك قد يشير لإصابته بمتلازمة هورنر (Horner syndrome)، وهي اضطراب عصبي يكون في معظم الحالات خلقياً. لا يمكن علاج التباين بين البؤبؤين (وغالباً لا يكون هنالك داعٍ لذلك)، لكن بالإمكان علاج تدلي الجفن من خلال إجراء جراحة للعضلة ورفع الجفن، بالأساس إذا كان الجفن يغطي مجال الرؤية. وذلك من أجل  الحصول على رؤية أفضل ولتجنب الغمش.
تدلي الجفن- في نحو ربع حالات تدلي الجفن، يكون التدلي في كلتا العينين. عندما يغطي الجفن مجال الرؤية، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى الغمش. ولذلك، فإن هذه الحالة تستدعي إجراء جراحة للجفن في مرحلة مبكرة قدر الإمكان.
 فرك أو حك العيون على فترات متقاربة- قد يدل على وجود التهاب أرجي (حساسية) يدعى الالتهاب الربيعي. في أوروبا، يميل هذا المرض للظهور خلال فصل الربيع، إذ أنه فصل الإزهار، وفيه توجد العديد من الجزيئات التي تسبب حدوث ردات الفعل الحساسية. في بلدان اخرى، من الممكن أن تظهر الإصابات بالالتهاب الربيعي خلال فصول أخرى وليس فقط في الربيع. 
يمكن علاج المرض بشكل موضعي بواسطة قطرات من عدة أنواع: بدائل الدموع، مضادات الهستامين، ومضادات الحساسية. وفي الحالات الأكثر صعوبة بالإمكان استخدام الاسترويدات أيضاً.
يميل المرض لأن يعود بنوبات موسمية، لكنه يختفي في سن الـ20.
 الطرف- عند الأطفال، قد يدل هذا على جفاف في العينين، أو على وجود التهاب أو حساسية. وأحياناً قد يدل على وجود مشكلة عصبية.
إمالة الرأس باتجاه واحد-  قد تدل على وجود مشكلة في واحدة من عضلات العين الست.  قد يؤدي هذا الامر إلى مشكلة في الرؤية المزدوجة لدى الطفل.
التخوف من الضوء الساطع -  عبارة عن رد فعل طبيعي. لدى الأطفال الأصغر سناً، تعتبر ردة الفعل هذه، أفضل طريقة لمعرفة أن منظومة الرؤية تعمل لديهم كما يجب.
عدم القدرة على تحديد الألوان – قد تدل على اضطراب في رؤية الألوان. من أجل تشخيص المشكلة، يتم إجراء فحص بواسطة ألواح ملونة من أنواع متعددة. على سطح هذه الألواح يكون هنالك رقم أو رسمة على خلفية تمت ملاءمتها بشكل خاص. الطفل الذي تكون لديه مشكلة في رؤية الألوان، قد يرى شكلاً مختلفاً، أو أنه قد لا يستطيع رؤية الشكل بتاتاً. هذه المشكلة ناجمة عن اضطراب وراثي بسبب نقص في نوع معين (أو أكثر) من مستقبلات الضوء في الشبكية. حتى هذا اليوم ليس هنالك علاج لهذا المرض.
نقص جفن خلقي– عدم نمو الجفن بشكل طبيعي أثناء نمو الجنين. قد يسبب أحياناً جفافاً شديداً في العين وقد يتطلب إجراء عملية جراحية تجميلية لإعادة بناء الجفن.
قرنية كبيرة أو عكرة - القرنية هي الجزء الأمامي من العين. عبر القرنية السليمة والشفافة، يكون بإمكاننا رؤية البؤبؤ ولون قزحية (Iris) العين. يسبب تعكر القرنية، من الممكن أن تبدو بيضاء اللون، ويكون من الصعب على الناظر رؤية البؤبؤ والقزحية في عين الطفل. هنالك أمراض خلقية أو أنواع من التلوث من الممكن أن تؤدي الى هذه الحالة. قد يؤدي الزرق (Glaucoma) الخلقي الى تعكر القرنية والى زيادة حجمها.
علامات لدى الأطفال في سن المدرسة:
قد تدل العلامات التي سنستعرضها على وجود مشكلة في الررؤية. ولذلك، فمن المهم بأسرع وقت ممكن، تشخيص المشكلة ومعالجتها في مرحلة مبكرة قدر الإمكان، إذ أن مشاكل الرؤية التي لا تتم معالجتها، تسبب اضطرابات التركيز (ADHD) لدى الطفل:
عندما يشكو الطفل من ازدواج الرؤية في كلتا العينين وهما مفتوحتان – فإن ذلك عادةً يدل على الحول بسبب عدم التنسيق بين العينين. قد تكون المشكلة وليدة اضطرابات عصبية.
عندما يشكو الطفل من ازدواج الرؤية في عين واحدة، فإن ذلك قد يشير إلى وجود مشكلة بصرية، وفي هذه الحالة يستدعي الأمر وضع نظارات للطفل أو إجراء جراحة لعلاج المشكلة (الساد، القرنية وغيرها – بحسب المرض).
عندما يشكو الطفل من الصداع، الدوار أو الغثيان – فإن ذلك لا يدل بالعادة على وجود مشكلة في العين، باستثناء بعض الحالات النادرة. قد تنجم هذه الأعراض عن مد البصر أو قصر البصر. لكن من المهم دائماً جلب الطفل للطبيب المعالج لفحص أسباب أخرى قد تكون مسؤولة عن هذه الأعراض .
الميل لتقريب الرأس للوح أو للحاسوب -  صعوبة قراءة المكتوب على اللوح أو المكتوب في الدفتر وتجاوز كلمات أو سطور، خط يد غير مقروء ينحرف عن السطور – كل هذه علامات قد تدل على صعوبة في تركيز البصر عند التحول من النظر بعيداً إلى النظر قريباً أو العكس. مثال على ذلك، عند مشاهدة التلفاز، وبعد ذلك قراءة كتاب أو نسخ نص من اللوح الى الدفتر.
الطرف بوتيرة عالية – قد يدل على وجود التهاب أو حساسية، أو أنه من الممكن أن يكون على خلفية توتر يؤدي الى حدوث عرات (Tics). 
خلاصة الأمر: قد تشير هذه العلامات إلى وجود مشكلة في الرؤية، وكلما قمنا بتشخيص وعلاج المشكلة في مرحلة مبكرة أكثر، فإننا نتيح للطفل التمتع برؤية سليمة، سواء كان ذلك بواسطة النظارات عندما يلزم الأمر، أو حتى من خلال إجراء عملية جراحية.


أخبار مرتبطة