تاريخ النشر 8 ديسمبر 2016     بواسطة الدكتورة نبيله حسن مرسى     المشاهدات 201

جراحة السادّ

جراحةُ السادّ أو جراحةُ المياه البيضاء cataract surgery هي إجراءٌ يهدف إلى معالجة حالات السادّ أو إعتام عدسة العين، حيث تؤدِّي التغيُّراتُ في عدسة العين إلى تشوُّش أو تغيُّم أو ضَبابيَّة الرؤية. ما هو السادّ؟ يحدث السادّ عندما تؤدِّي التغيُّراتُ في عدسة العين lens إلى أن تصبحَ أقلَّ شفافيةً؛
فالعدسةُ هي بنيةٌ بِلَّورية تتوضَّع خلفَ الحدقة مباشرةً، وهي الحلقة السوداء أو الملوَّنة في وسط العين.
عندما يدخل الضوءُ إلى العين، يمرُّ عبرَ الطبقة النسيجيَّة الشفَّافة الواقعة في مقدِّمة العين (القرنيَّة cornea) وعبرَ العدسة التي تُركِّزه على الطبقة الحسَّاسة للضوء عند الجزء الخلفي من العين (الشَّبكيَّة retina).
قد يبدأ السادّ بالحدوث في عدسة العين عندما يتقدَّم الشخصُ في العمر، ويُدعى في هذه الحالة السادّ المرتبط بالعمر age-related cataracts، حيث يتوقَّف وصولُ بعض الضوء إلى الشبكيَّة. وهذا ما يؤثِّر في الرؤية، فتصبح شيئاً فشيئاً مشوَّشةً أو متغيِّمة أو ضَبابيَّة.
ولكن، مع أنَّ السادّ يرتبط بالعمر غالباً، إلاَّ أنَّه في حالاتٍ نادرة يمكن أن يُولدَ الرضَّعُ مصابين بالسادّ، أو يحدث السادّ عندَ الأطفال الصغار (سادّ الأطفال childhood cataracts).
يركِّز الموضوعُ هنا على جراحة السادّ عندَ البالغين.
متى يوصى بجراحة السادّ؟
يعدُّ التغيُّمُ الطفيف للعدسة جزءاً طبيعياً من تقدُّم العمر؛ أمَّا التغيُّمُ الواضح أو السادّ فيتفاقم ببطء مع الوقت. وتعدُّ الجراحةُ الطريقةَ الوحيدة لاستعادة البصر.
ولكن، لا ضرورةَ للجراحة إذا لم تكن الرؤيةُ متأثِّرةً بشكلٍ واضح، وليس لدى الشخص صعوباتٌ في القيام بالمهام اليوميَّة، مثل القراءة والقيادة والحركة ... إلخ.
العمليَّة
تعدُّ جراحةُ السادّ إجراءً واضحاً نسبياً يستغرق 30-45 دقيقة عادةً.
وهي تُجرى في اليوم نفسه تحت التخدير الموضعي، أي يكون المريضُ غيرَ فاقدَ الوعي خلالها، ويمكنه العودةُ إلى المنزل بعدَ العمليَّة.
خلال العمليَّة، يجري الجرَّاحُ شقاً صغيراً في العين بحيث يمكنه استئصال العدسة المصابة، ثمَّ يُدخِل عدسةً بلاستيكيَّة صغيرة تُدعى الطعمَ داخل العين intraocular implant أو العدسة داخل العين intraocular lens.
إذا كان الشخصُ مصاباً بالسادّ في كلتا العينين، تُجرى له العمليةُ على مرحلتين، مرَّة لكل ين بفاصل بضعة أسابيع. وهذا ما يتيح للعين الأولى الشفاءَ والوقت لاستعادة الرؤية.
العودة إلى الحياة الطبيعيَّة
يمكن للمريض أن يعودَ إلى منزله بعد بضع ساعات من خضوعه لجراحة السادّ، لكن ينبغي أن يعودَ به إلى النزل أحد أقاربه أو أصدقائه.
يجب ألاَّ يشعرَ المريضُ بالانزعاج أو الضيق خلال أوَّل يومين أو ثلاثة أيَّام من الجراحة، وأن يستعملَ القطرات العينيَّة التي وُصفَت له في المستشفى.
ويمكنه أن يستمرَّ في القيام بمعظم أنشطته المعتادة بعد العمليَّة، مع أنَّ هناك حاجةً إلى تجنُّب لمس العين أو تعريضها لأيّ شيء، مثل الصابون والماء، لبضعة أسابيع.
نتائجُ جراحة السادّ
يتحسَّن النظرُ عندَ معظم الأشخاص بعد العمليَّة مباشرةً، مع أنَّ الرؤيةَ قد تبقى مشوَّشة بضعةَ أيَّام.
وفي نهاية المطاف، لابدَّ أن يكونَ المريضُ قادراً على:
رؤية الأشياء بتركيز، مع أنَّ الأمرَ يحتاج إلى نظَّارات غالباً.
النظر إلى الأضواء من دون أن تبدو متوهِّجة.
تمييز الألوان التي ستبدو أكثرَ بريقاً.
يحتاج معظمُ المرضى إلى وضع نظَّارات للرؤية القريبة أو البعيدة أو كليهما بعدَ جراحة السادّ؛ وذلك لأنَّ العدسات الاصطناعيَّة لا تستطيع التركيزَ على مختلف الأبعاد.
يسعى الجرَّاحُ عادةً إلى الوصول إلى رؤية أكثر تركيزاً للبعيد، مع الاعتماد على نظَّارات للقراءة القريبة، مع أنَّ ذلك يعتمد على قوَّة النظَّارة وظروف الشخص.
بوجود النظَّارة، يكون لدى معظم الأشخاص مستوى جيِّد وكافٍ من الرؤية، بحيث يستطيع القيادةَ والقيام بالأنشطة اليوميَّة من دون مشاكل.
قد لا تعود الرؤيةُ إلى سابق عهدها إذا كان لدى المريض مشكلةٌ عينيَّة أخرى، أو في حالاتٍ نادرة تحدث فيها مضاعفاتٌ خطيرة.
المخاطرُ والمضاعفات
يعدُّ احتمالُ حدوث مضاعفاتٍ خطيرة نتيجة لجراحة السادّ بسيطاً.
والمضاعفةُ الأكثر شيوعاً هي حالةٌ تُدعى العتامة المحفظيَّة الخلفيَّة posterior capsule opacification (PCO)، والتي تؤدِّي إلى تغيُّم الرؤية من جديد. وفي هذه الحالة، ينمو جلدٌ أو غشاء على الجزء الخلفي من العدسة الجديدة بعد شهور أو سنوات.
يمكن معالجةُ العتامة المحفظيَّة الخلفيَّة، عندَ الضرورة، بإجراء جراحيّ عيني ليزريّ بسيط لإزالة الغشاء.
أمَّا المخاطرُ والمضاعفات الأخرى لجراحة السادّ فهي نادرةٌ جداً، وقد تشتمل على
تمزُّق محفظة العدسة، وهي "الجيبة" التي تُبقِي العدسةَ في مكانها.
سقوط بعض السادّ أو كلّه في الجزء الخلفي من العين.
عدم القدرة على إزالة كامل السادّ أو إدخال العدسة الجديدة.
العدوى أو النزف في العين.
يمكن معالجةُ معظم المضاعفات التي قد تحدث بعدَ جراحة السادّ بالأدوية أو بجراحةٍ أخرى، ولا يكون لها تأثيرٌ مزمن في الرؤية عادةً.
ولكن، هناك خطرٌ بسيط جداً (نحو 1 في ألف حالة) لحدوث فقد رؤية دائم في العين المعالَجة كنتيجةٍ مباشرة للعمليَّة.


أخبار مرتبطة