تاريخ النشر 9 اغسطس 2016     بواسطة الدكتورة حياة مطوق الحارثي     المشاهدات 201

الحياة العاطفية بعد سن اليأس

ينتاب النساء الكثير من القلق والتوتر كلما تقدمن في العمر، وذلك لخوفهن الشديد من دخول نفق «سن اليأس» الذي يقودهن إلى أزمة منتصف العمر، وما يرتبط بذلك من مشاعر سلبية تؤثر في ثقة المرأة بنفسها وعلاقتها بمن حولها. يؤكد الكثير من الخبراء أن أفضل الطرق لتخطي هذا الأمر هو تقبله في المقام الأول ثم الا
قتناع بأن "سن اليأس" ما هو إلا إعادة خوض "مرحلة المراهقة" بكثير من المشاعر المتشابهة وبعض الاختلافات الجسمانية.
من الطبيعي أن تشعر المرأة في هذه المرحلة بصدمة خفيفة عندما تشعر بأنها على أبواب سن اليأس، ولا يجدر بها أن تقلل من شأنها في هذه المرحلة، فأعمار النساء لا تنتهي جنسيا عند بداية تلك المرحلة، ويمكن اعتبارها مرحلة نشاط وحيوية، فالتقدم أكثر في السن يعني عند الناجحين مكانة أسمى، بما يمثل من زيادة وتراكم في الخبرة بفعل التجارب العديدة التي مرت أثناء الحياة خلال الأعوام المنصرمة.
أما بالنسبة للمعاشرة الزوجية فهي لا تتحدد بعمر معين، فالمرأة في هذا السن تستمتع بهذه العلاقة كما في السابق، ولايتغير شيء سوى انقطاع الطمث. لذا فإن اعتقاد المرأة بأن دورها انتهى، ولا بد لها من الكف عن ممارستها هو اعتقاد خاطئ، فالعديد من النساء تزداد علاقتهن بأزواجهن في هذه المرحلة، إذ ينتفي خوفهن من الحمل الذي كان يسيطر عليهن قبلا.
العامل النفسي عند المرأة في هذه المرحلة هو الأهم في عملية الوصال، وليست كل أيام الشباب بأجمل من هذه الأيام التي ربما تكون أجمل وأروع. فالعاطفة ستكون ناضجة في هذه السن، ويكون للحب طعم آخر أكثر عمقا وأشد وقعا، وسينعكس ذلك على العلاقة الجسدية، فلا تتصف بالتهور أو بعلاقة عابرة، ولكنها ستبقى متصلة بالعاطفة والهدوء والطمأنينة. في هذه المرحلة ستختلف بها المرأة الناضجة عن المراهقة، فبحكم تجاربها صارت تعرف وتشعر بصدق العاطفة، وتعرف لغة الجسد بشكل أفضل. وستكون هذه المرحلة بداية حياة زوجية جديدة ملائمة لتطور عاطفتها ورغبتها في ممارسة الحب بنمط جديد لا يقل رونقا عن النمط السابق، وهذا لا يعني الانجراف والإفراط في الجنس، بل الدعوة إلى إيجابية التعامل معه، إلى جانب فعل الاعتدال المناسب لهذه المرحلة، وأهم من ذلك الثقة بالنفس، والجاذبية.
ترغب العديد من النساء المتقدمات في العمر بممارسة الحياة الزوجية ونشاط أكثر بفعالية، ولعلَّ الفترة الزمنية بعد سن اليأس تحمل المزيد من المتعة الجسدية لدى بعض النساء بسبب التخلص من هاجس الدورة الطمثية الشهرية والقلق حيال حدوث الحمل.
تحدث العديد من التغيرات الفيزيائية والعاطفية للجانب الجنسي من حياة المرأة بعد سن اليأس، فمع التقدم بالعمر تؤثر مستويات هرمون الاستروجين على الرغبة الجنسية لدى المرأة فهو يحافظ عادة على رطوبة المهبل وبالتالي فإن انخفاض مستويات هذا الهرمون بعد سن اليأس تكون سبباً بانخفاض مفرزات المهبل مما يجعله أقل ليونه.
والعجز والمرض هما من العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الرغبة الجنسية لدى النساء المتقدمات في العمر. كذلك بعض التأثيرات الجانبية للعديد من الأدوية الشائعة، وقد تشعر من خضعت لجراحة سرطان الثدي بأنّها لم تعد مرغوبة.
من المهم أيضا الإدراك أن الرغبة الجنسية لدى الرجال والنساء على حد سواء تتضاءل مع تقدمهم بالسن، وقد تؤثر المشاكل الجنسية الذكرية على كلا الشريكين وبالتالي قد تكون بعض أمراض المرأة الجنسية ناتجة عن الزوج مثل:
فقدان الرغبة الجنسية
عدم القدرة على الحفاظ على الانتصاب
القذف المبكر
تأخر أو تثبيط رعشة الجماع.
لذلك فعلى النساء أن يستفدن من هذه النصائح وأن لا يقلقن من هذا الشعور، في سبيل المحافظة على حميمية العلاقة مع الزوج:
بالرغم من ان الكثير من النساء يعانين بعد سن ال 45 من الجفاف المهبلي، ومن بعض المشاكل الأخرى، كاضطربات النوم وغيرها، الا أن على المرأة أن لا تتناول أي أدوية قبل أن تراجع الطبيبة المختصة في ذلك، وتتأكد بأنها لا تسبب تأثيرات على المعاشرة الزوجية.
عمل اليوم المضني، وخلال ساعات الليل والنهار، لا يتاح للسيدة أن تحصل على الطاقة الكافية للمعاشرة الزوجية، وننصح السيدات هنا، خاصة بعد هذا السن، أن يحصلن على فرصة كاملة من حيث الراحة والاسترخاء، وممارسة بعض الرياضات المريحة، كاليوجا، أو الاسترخاء التام، أو قضاء الوقت مع الصديقات (وليس مع الأبناء والأقارب) وغيرها من الأنشطة والخيارات المتاحة في المحيط الاجتماعي.
تخصيص وقت كاف للزوج بعيداً عن الوقت المخصص للأطفال والمنزل، فكثير من السيدات لا يستطعن الفصل ما بين الواجب الأسري ككل، والعلاقة مع الزوج، فتكون العلاقة الزوجية هي مربط لجميع العلاقات الأسرية، لذا خصصي وقتاً خاصا للزوج، ولا تناقشوا أي أمور عائلية خلال هذا الوقت، وخذوا عطلات منفصلة ومتكررة، بعيداً عن أجواء العائلة، فهناك قاعدة تقول للسيدات: «إن خصصت حياتك منذ البداية للأبناء، ففي النهاية لن تجدي شيئا تقدميه لزوجك»
حاولي المحافظة على القيام بالمعاشرة الزوجية مرة واحدة في الأسبوع: كي لا تفتر العلاقة بينكما، ولا تنطفئ، واحرصي أن تكون العلاقة دافئة كما هي قبل ذلك.
*احرصي أيضاً على جميع مكونات المعاشرة الزوجية: كالمغازلة، والمداعبة، وغيرها من الأمور الحميمية مع الزوج، فالكثير من السيدات، وبسبب الثقافة الاجتماعية، يعتبرن أن المعاشرة الزوجية بعد سن اليأس، شكل خاطئ للعلاقة مع الزوج، وأنهنّ كبيرات على مثل هذه الأمور، بيد أن الطبيعة التي خلقها الله تبارك وتعالى في البشر، تستدعي الاستمرار في المعاشرة الزوجية طول العمر تقريبا.
إن هذه الفترة تتميز بالهدوء لدى الطرفين، وما يساعد على ذلك أنه في المقابل للتغير الذي تواجهه المرأة في جسدها يحدث للرجل أيضا تغيرات جسمية وعاطفية كبيرة، وكما تهبط عند المرأة معدلات هرمونها فكذلك الحال إذ يمر الرجل أيضا بمرحلة مختلفة عن أيام الشباب، لانخفاض معدل الهرمونات الذكرية لديه، إلا إنه يظل لديه القدرة على الإنجاب، ولكن مع هذا الاختلاف نجده يشاركها في أكثر التغيرات الجسمية والعقلية الأخرى.
التعاون بين الزوجين يساعد في التخلص من جميع العوائق الجنسية، لذا على المرأة أن تصارح شريك حياتها بجميع التغيرات العاطفية والفيزيائية التي قد تؤثرعلى حياتهما الجنسية مع ضرورة تشجيع المرأة لشريك حياتها على مراجعة الطبيب.
إذا كنت وشريك حياتك راضيين عن نفسيكما وكان كل منكما راضيا عن الآخر، فإن العلاقة الزوجية ستكون جيدة في أي سن.
يؤكد الكثير من الخبراء أن أفضل الطرق لتخطي هذا الأمر هو تقبله في المقام الأول ثم الاقتناع بأن "سن اليأس" ما هو إلا إعادة خوض "مرحلة المراهقة" بكثير من المشاعر المتشابهة وبعض الاختلافات الجسمانية.
همسة
أختي الفاضلة وأخي الفاضل. ألا تظنان معي أنه حان الوقت لنغير نظرتنا لسن اليأس؟
لم لا يسمى سن الأمل.
أو سن الانطلاق.
لم لا نعتبره بداية لمرحلة جديدة للتخلي عن العادات الخاطئة قبل هذا السن.
لم لا نقول انه وقفة مع النفس للمراجعة والحساب والبحث عن طرق مصادر السعادة بعيداً عن القلق والاضطرابات مع رجل ناضج متفهم حريص على زوجته (كما هي حريصة)، قادر على التحاور والمصارحة واستبعاد المشاكل والأزمات بدلاً من الهروب والبحث عن الاستقرار الزائف خارج محيط العائلة.
أخيرا ألا تري معي سيدتي، الا ترى معي سيدي، أن سن الأمل يمكن أن يكون
سن العقل والعطاء
سن حصاد رصيد الشباب.
سن شباب العقل والجسم.
سن الاستمتاع بأحلى سنوات العمر
مع تمنياتي لكنّ ولكم بسن «أمل» حافل بالصحة والعطاء والاستقرار.


أخبار مرتبطة