بين السرطان البلعومي الأنفي والأنواع الأخرى من السرطان التي تصيب الحلق أيضاً، مثل سرطان الحنجرة وسرطان المريء.
علامات وأعراض الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي
غالباً ما يكون من الصعب التعرُّفُ على السرطان البلعومي الأنفي، نظراً لتشابه أعراضه مع أعراض حالاتٍ أخرى أقل خطورةً. وقد تصل الإصابةُ بالسرطان البلعومي الأنفي عند بعض الأشخاص إلى مراحل مُتقدِّمة من دون أن تظهرَ لديهم أيَّةُ أعراضٍ .
يمكن أن تشتملَ أعراضُ الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي على ما يلي:
ظهور تورُّم في الرقبة.
نقص السمع (يكون في أذنٍ واحدة عادةً).
طنين الأذن (سماع صوت داخي، وليس من مصدرٍ خارجيّ).
انسداد الأنف.
نزف الأنف.
ينبغي مراجعةُ الطبيب عند ظهور أيَّة أعراضٍ مُقلقة، وخصوصاً إن لم يطرأ تحسُّن عليها بعد مرور عدَّة أسابيع. وعلى الرغم من أنَّ تلك الأعراض نادراً ما تكون ناجمةً عن الإصابة بسرطان بلعومي أنفي، إلا أنَّه من الأفضل إجراء فحص للتأكد من ذلك.
ما هي أسباب الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي؟
لا يزال السببُ الحقيقي وراء الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي مجهولاً، وذلك على الرغم من وجود العديد من العوامل التي يمكن أن تزيدَ من خطر حدوث الحالة مثل:
أن يكون أصلُ المريض من جنوبي الصين أو من شمالي أفريقيا.
اتِّباع نظامٍ غذائي غني باللحوم أو الأسماك المحفوظة بالملح.
التعرُّض للعدوى بفيروس إيبشتاين- بار، وهو فيروسٌ شائعٌ يُسبِّبُ الحمَّى الغُديَّة Glandular Fever.
التعرُّض المُنتظَم لغبار الأخشاب في أثناء العمل.
إصابة أحد الأقرباء من الدرجة الأولى (أحد الوالدين) بهذه الحالة.
تحدث الإصابةُ بالسرطان البلعومي الأنفي عند الرجال بنسبةٍ تزيد ثلاث مرَّات عليها عند النساء، وفي عمر خمسين عاماً بشكل وسطي.
تشخيص السرطان البلعومي الأنفي
ينبغي زيارةُ الطبيب عند ظهور أعراضٍ يمكن أن توحي بالإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي، وهنا سوف يقوم الطبيبُ بسؤال المريض عن الأعراض التي يشكو منها، ثم يقوم بإجراء بعض الفحوصات السريرية، مثل فحص الحلق باستعمال مرآةٍ صغيرة وضوء.
وإذا وجد الطبيبُ ضرورةً لإجراء المزيد من الفحوص، فسيقوم بإحالة المريض إلى المستشفى، حيث يمكن هناك إجراء العديد من الاختبارات للتحقُّق من الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي ونفي الاحتمالات الأخرى.
تتضمَّن بعضُ الاختبارات التي يمكن إجراؤها:
تنظير الأنف - حيث يجري إدخالُ منظارٍ رفيعٍ مرنٍ إلى الأنف مارَّاً بأسفل الحلق للبحث عن أيَّة شذوذات نسيجية، ويمكن القيامُ بذلك تحت التخدير الموضعي للأنف والحلق مع بقاء المريض مستيقظاً.
التصوير - يمكن استعمالُ التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير الطبقي المحوري (التصوير المقطعي المحوسب) للتحقُّق من وجود الأورام، وتحديد ما إذا كان السرطانُ قد انتشر.
التنظير البانورامي - يُقدِّم هذا الاختبارُ معلوماتٍ أكثر تفصيلاً عن الأنف والحلق، ويُجرَى تحت التخدير العام، وذلك باستعمال مجموعةٍ مناظير قاسية وصغيرة متَّصلة مع بعضها بعضاً.
الخزعة - حيث يمكن الحصولُ على عيِّنة صغيرة من النسيج في أثناء التنظير، ثم يجري فحصُها في المخبر.
بعدَ الانتهاء من إجراء هذه الاختبارات، سيكون بوسع الأطباء معرفة ما إذا كان الشخصُ مصاباً بالسرطان البلعومي الأنفي أم لا، كما أنَّهم سيكونون قادرين على تحديد "المرحلة" التي وصل إليها السرطان، وقد يكون ذلك من خلال إعطاء رقم يُعبِّر عن حجم السرطان ومدى انتشاره في الجسم.
علاج السرطان البلعومي الأنفي
سوف يتولَّى فريقٌ طبِّي متكامل مهمة تقديم العلاج لمريض السرطان البلعومي الأنفي. يُسمّى هذا الفريق بالفريق مُتَعدِّد الاختصاصات، وتكون من مهامه أيضاً مناقشة المريض في الخيارات العلاجية الأفضل.
تشمل العلاجاتُ الرئيسيَّة للسرطان البلعومي الأنفي:
العلاج الشعاعي - حيث تُستَعملُ الأشعَّة لقتل الخلايا السرطانيَّة.
العلاج الكيميائي - حيث تُستَعمل الأدوية لقتل الخلايا السرطانيَّة.
وفي معظم الحالات، سوف تجري مشاركةُ هذين النوعين من العلاج.
لا تستطبُّ الجراحةُ لعلاج السرطان البلعومي الأنفي، وذلك بسبب صعوبة وصول الجرّاح إلى المنطقة المصابة بالسرطان.
العلاج الشعاعي
يُعدّ العلاجُ الشعاعي الطريقة الأكثرَ شيوعاً في علاج السرطان البلعومي الأنفي. وقد يُستَعمَل بمفرده لعلاج المراحل المبكرة جدَّاً من الإصابات السرطانيَّة، أو بالمشاركة مع العلاج الكيميائي في الحالات الأكثرَ تقدُّماً.
يُستَعمَل العلاجُ الإشعاعي الخارجي في معظم الحالات. ويتضمَّن ذلك توجيه حزمة شعاعية مرتفعة الطاقة على المنطقة المطلوب علاجها.
يُستَعملُ شكلٌ متقدِّمٌ من العلاج الشعاعي الخارجي لعلاج السرطان البلعومي الأنفي، يُسمَّى العلاج الإشعاعي مُعدَّل الشدة. ويتضمن ذلك توجيه حزم شعاعية متباينة الشدة على الورم السرطاني من زوايا مختلفة. ويساعد هذا على تقليص كمية الأشعة التي تسقط على الورم، والتقليل من الأثر الضار للأشعَّة على الأنسجة السليمة المحيطة به.
يُستَعمل العلاجُ الشعاعي الخارجي في جلساتٍ علاجيَّةٍ قصيرةٍ عادةً، حيث تُجرَى جلسة واحدة يومياً في أيام العمل من الأسبوع، مع أخذ استراحة في عطلة نهاية الأسبوع. ويُكرَّر هذا العلاجُ لمدَّة تصل إلى سبعة أسابيع عادةً. ولا يوجد ضرورةٌ لمُكوث المريض في المستشفى في الفترات بين المواعيد العلاجيَّة.
قد تكون هناك حاجةٌ إلى استعمال العلاج الشعاعي الداخلي في بعض الحالات التي تنكس فيها الإصابةُ بالسَّرطان البلعومي الأنفي بعد إجراء المعالجة الأوَّليَّة، حيث يوضَعُ مصدرٌ مُشعٌّ داخل منطقة الإصابة السرطانيَّة أو قربها، ثمَّ تُترَك في مكانها لمدَّةٍ تتراوح بين بضعِ دقائق إلى بضعة أيَّام. وقد يحتاج المريضُ إلى المُكوث في المستشفى لفترةٍ زمنيَّةٍ قصيرة، وذلك تِبعاً لنوع العلاج المتّبع.
إنَّ العلاجَ الشعاعي غير مؤلمٍ بحدِّ ذاته، ولكن قد تكون له بعض الآثار الجانبيَّة الواضحة، مثل:
احمرار والتهاب الجلد في المنطقة المُعالجة.
الشعور بالمرض.
حدوث تغيُّرات في حاسَّة الذوق.
جفاف الفم.
تساقط الشعر.
تكون هذه الآثارُ الجانبيَّة مؤقَّتة عادةً، ولكن يمكن أن يكونَ بعضها دائماً.
العلاج الكيميائي
قد يُستَعمل العلاجُ الكيميائي قبلَ العلاج الإشعاعي أو بالمشاركة معه في حالات السرطان البلعومي الأنفي المُتَقدِّمة.
يجري استعمالُه عادةً عن طريق التنقيط في الوريد (علاج كيميائي وريدي) ، وذلك بجلساتٍ دوريَّة كلِّ ثلاثة أو أربعة أسابيع وعلى مدى عدَّة أشهر. وغالباً ما لن تكون هناك ضرورة للإقامة في المستشفى خلال فترة العلاج.
وكما هي الحالُ بالنسبة للعلاج الشعاعي، فقد يُسبِّب العلاج الكيميائي ظهورَ عدد من الآثار الجانبيَّة الواضحة، مثل:
الشعور بالمرض.
الإسهال.
تَقَرُّح الفم.
الإرهاق.
تكون هذه الآثارُ الجانبيَّة مؤقَّتةً عادةً، ولكنَّها قد تترك آثاراً على المدى الطويل أيضاً، مثل التسبُّب بالعقم. ويجب أن يقوم المريض بمناقشة الفريق الطبي بخصوص الآثار الجانبيَّة قبل بَدءِ العلاج.
المتابعة
سيكون من الضروري بعدَ إكمال فترة العلاج أن يخضع المريض لبرنامج من المراجعات والفحوص الدوريّة، وذلك لمراقبة تقدُّم الشفاء والتحقُّقُ من ظهور أيَّة علاماتٍ تشير إلى عودة الإصابة بالسرطان.
في بادئ الأمر ستكون المواعيد كلَّ بضعة أسابيع أو أشهر، ولكن وتيرتها سوف تتراجع تدريجياً مع مرور الوقت.
المآل
يعتمد مآلُ الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي على درجة تقدُّم الإصابة عندَ تشخيص المرض، وعمر المريض، وصحَّته العامَّة.
يمكن لتطبيق العلاج الشعاعي منفرداً أن يؤدِّي إلى شفاء العديد من حالات السرطان البلعومي الأنفي بشرط اكتشافه في مرحلةٍ مبكِّرة جدَّاً من الإصابة، ولكن العديد من الحالات لا يجري تشخيصها إلا في المراحلَ الأكثرَ تقدُّماً، وذلك لأنَّها لا تترافق دائماً مع أعراضٍ واضحة، وقد لا تظهر الأعراضُ إلاَّ في المراحل المتأخِّرة من المرض.
تُعالَجُ حالاتُ السرطان الأكثرَ تقدُّماً بالمشاركة بين العلاجين الكيميائي والشعاعي، وغالباً ما تكون الإصابة قابلةً للشفاء ما لم يحدث انتشارٌ للمرض خارج منطقة الرأس والعنق.
تشير الإحصائياتُ إلى أنَّ حوالى نصف الأشخاص الذين شُخِّصَت إصابتهم بالسرطان البلعومي الأنفي يعيشون لخمس سنوات على الأقلِّ بعدَ ذلك.