أو السرطان أو الالتهابات أو الحمل. يعتمد العلاجُ على سبب المرض؛ فأحياناً تفيد حبوبُ منع الحمل في معالجة اختلال التوازن الهرموني. أمَّا إذا كان السببُ هو خلل في الغدَّة الدرقية، فقد يكون علاج هذا الخلل مفيداً لوقف النزف. وإذا كان السببُ هو السرطان أو فرط التنسُّج، أي النمو غير الطبيعي لخلايا الرحم، فقد تحتاج المرأةُ إلى عملية جراحية. وهناك مشاكلُ أخرى يمكن أن تصيبَ الرحمَ، مثل انتباذ بطانة الرحم (البطانة المهاجرة) واعتلال العضل وغدد الرحم (العُضال الغُدِّي)؛ ففي حالة انتباذ بطانة الرحم، ينمو نوعٌ من الأنسجة التي تبطِّن الرحم خارجَه؛ أمَّا عند الإصابة باعتلال العضل والغدد الرحمي (العُضال الغُدِّي)، فإنَّ الأنسجة تنمو في الطبقات الوسطى والخارجية للرحم. قد تكون أدويةُ تخفيف الألم مفيدةً في هذه الحالات، أمَّا المعالجات الأخرى فتتضمَّن العلاج بالهرمونات والعمليات الجراحية.
مقدِّمة
الرحمُ عضوٌ في الجهاز التناسلي للمرأة. وهو المكانُ الذي ينمو فيه الجنين في أثناء الحمل. هناك الكثير من المشاكل التي يمكن أن تؤثِّر في الرحم. هناك بعضُ الأسباب الشائعة للمشاكل التي يمكن أن تواجه المرأة في الرحم، فيعتمد علاجُ أمراض الرحم على السبب. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم أمراض الرحم، حيث يناقش أمراضه الشائعة، بالإضافة إلى التشخيص والعلاج.
تشريح الرحم
الرحمُ هو عضوٌ في الجهاز التناسلي للمرأة. تشمل الأعضاءُ التناسلية للمرأة ما يلي:
المبيض.
قناة فالوب (البوق الرحمي).
الرحم.
المَهبِل.
تقع هذه الأعضاءُ في الحوض، أي بين المثانة والمستقيم. الرحمُ عضوٌ أجوف، يشبه الإجاصة في الشكل. ويبلغ قياسُه حوالي ثلاث بوصات في الطول، وفيه ثلاث طبقات. تُعرَف الطبقةُ الداخلية للرحم باسم بطانة الرحم. تنمو وتثخن بطانةُ الرحم في كلِّ شهر للتحضير لفترة الحمل؛ فإذا لم يحصل الحمل، تتدفَّق البطانة إلى خارج الجسم، وهذا ما يُسمَّى بفترة الحيض. الطبقةُ الوسطى هي عضلةٍ يمكن أن تنمو بشكلٍ كبيرٍ لاستيعاب الحمل. أمَّا الطبقةُ الخارجية فهي الغطاءُ الخارجي للرحم، والمعروفة باسم الطبقة المصلية. يتألف الرحمُ من ثلاثة أجزاءٍ: قاع الرحم وجسم الرحم وعنق الرحم. قاعُ الرحم هو الجزءُ العلوي من الرحم، ويشبه شكلَ القبَّة. الجزءُ الأوسط من الرحم هو جسمُ الرحم، وهو المكانُ الذي ينمو فيه الجنينُ ويبقى حتَّى الولادة. إنَّ الرحمَ قابلٌ للتمدُّد في الحجم بشكلٍ كبيرٍ. تُولِّد الطبقةُ الوسطى العضلية من الرحم تقلُّصات المخاض، التي تؤدِّي إلى ولادة الجنين. أمَّا الجزءُ السفلي الضيِّق من الرحم فهو عنقُ الرحم، وهو الممرُّ إلى المهبل. ينفتح المهبلُ إلى خارج الجسم بين الإحليل، وهي فتحة المثانة، والمستقيم.
أمراضُ الرحم
تشكِّل أمراضُ الرحم مجموعةَ مشاكل تحصل في الرحم. ويمكن أن يكشف مقدِّمُ الرعاية الصحِّية عن مشاكل الرحم خلال الفحص الحوضي الاعتيادي. يتحقَّق فحصُ الحوض من وجود كتل أو تغيُّرات في شكل الرحم. كما يتحقَّق من وجود أيَّة تغيُّرات في المهبل وعنق الرحم وقناتي فالوب والمبيضين والمستقيم. يجب استشارةُ مقدِّمُ الرعاية الصحِّية في حال وجود أي نزف بين دورتين طمثيَّتين أو بعد ممارسة الجنس؛ فهذا يكون أوَّلَ علامة على وجود مشكلة في الرحم عادةً. تكون بعضُ النساء أكثرَ عرضة من غيرهن للإصابة بأمراض الرحم؛ فعلى سبيل المثال، تتعرَّض النساءُ اللواتي يعانين من السمنة لخطرٍ متزايدٍ للإصابة بمعظم أمراض الرحم، الأمر الذي يعني أنَّ السمنةَ هي عامل خطرٍ لأمراض الرحم. ترتبط عواملُ الخطر الأخرى بأنواع معيَّنة من أمراض الرحم فقط. وتشمل بعضُ عوامل الخطر هذه ما يلي:
تخطِّي سن 35 سنة.
تاريخ لأمراض الرحم في العائلة.
جراحات سابقة في الرحم.
تناول أدوية معيَّنة.
يجب استشارةُ الجهة التي تقدِّم الرعاية في حال الشعور بالقلق إزاء خطر الإصابة بأمراض الرحم.
الأعراض
تتشابه أعراضُ الكثير من أمراض الرحم، أمَّا العرضُ الأساسي فهو النزف بين دورتين طمثيتين أو بعد ممارسة الجنس. تشمل الأعراضُ الشائعة الأخرى لأمراض الرحم ما يلي:
التبوُّل المتكرِّر.
نزف حاد أو دورات طمثية مؤلمة.
ألم خلال ممارسة الجنس.
ألم أو صعوبة في إفراغ المثانة.
نزف مهبلي بعدَ سنِّ اليأس.
كما يمكن ملاحظة ما يلي من أعراض أمراض الرحم:
الشعور بالامتلاء في منطقة الحوض.
خثرات دموية كبيرة خلال دورات الطمث.
ألم في أسفل الظهر.
مشاكل في الإنجاب، مثل العُقم.
يجب استشارةُ الجهة التي تقدِّم الرعايةَ في حال ملاحظة أي من هذه الأعراض أو تغيُّراتٍ أخرى؛ لأنَّ اكتشاف المشكلة في وقتٍ مبكِّرٍ يسهل العلاج في معظم الحالات.
الأسبابُ الشائعة
يمكن لاختلال التوازن الهرموني والخلل في الغدَّة الدرقية أن يسبِّبا أمراض الرحم، حيث إنَّ التغيُّرات في الهرمونات التي تتحكَّم بالحيض يمكن أن تسبِّب مشاكلَ في الرحم. كما يمكن للخلل في الغدَّة الدرقية أن يسبِّب نزفاً غير طبيعي. يؤثِّر الحملُ في الهرمونات في جسم المرأة، ويمكن أن يسبِّبَ مشاكلَ في الرحم في بعض الأحيان. هناك سببٌ آخر لمشاكل الرحم وهي العدوى، حيث تصيب الطبقةَ الداخلية في الرحم، أو ما يُسمَّى بطانةَ الرحم، التهابٌ يُعرف باسم التهاب بطانة الرحم. ويمكن أن تسبِّبه التهاباتٌ معيَّنة، مثل الكلاميديا أو السيلان. قد تمرُّ خلايا الرحم بتغيُّرات، ممَّا يؤدِّي إلى وجود بوليبات (أورام حميد) أو أورام ليفية. والبوليباتُ هي نموٌّ غير طبيعي للأنسجة، أمَّا الأورامُ الليفية فهي أورام حميدة وشائعة في الرحم. في بعض الأحيان، لا تظهر أيَّةُ أعراض عند النساء اللواتي يعانين من وجود بوليبات أو أورامٍ ليفيةٍ. تشمل مشاكلُ الرحم الأخرى انتباذَ بطانة الرحم (أو البطانة الرحمية المهاجرة) واعتلال العضل والغدد في الرحم. في حالة انتباذ بطانة الرحم، ينمو النسيج المبطِّن للرحم خارجَ الرحم. أمَّا في حالة اعتلال العضل والغدد الرحمية، فينمو النسيجُ في الطبقة العضلية من الرحم. سرطانُ الرحم هو أيضاً من الأسباب المحتملة لمشاكل الرحم. أمَّا النوعُ الأكثر شيوعاً من سرطان الرحم فهو سرطانُ بطانة الرحم، وهو النوعُ الذي يبدأ في الطبقة الداخلية من الرحم، أو ما يُسمَّى بطانة الرحم.
الاختباراتُ والتشخيص
من أجل تشخيص أي مرض من أمراض الرحم، تسأل الجهةُ التي تقدِّم الرعاية عن أعراض المرأة أوَّلاً. كما يمكن أن تسألَ عن التاريخ الطبِّي للمرأة ولعائلتها. يمكن إجراءُ فحص جسدي للتحقُّق من وجود أيَّة علامة من علامات المرض. كما يُجرى فحصُ الحوض للتحقُّق من أيَّة تغيُّرات غير اعتيادية أو غير طبيعية في الرحم؛ يجري اكتشافُ الأورام الليفية خلال هذا الفحص عادةً. يمكن إجراءُ فحص الدم للتحقُّق من وجود اختلال في التوازن الهرموني أو خلل في الغدَّة الدرقية. كما يمكن استخدامُ فحص الدم والبول لاكتشاف التهاباتٍ معيَّنةٍ. تستدعي الحاجةُ استخدامَ اختباراتٍ تصويريةٍ أحياناً، حيث يُستخدم التصويرُ بالأمواج فوق الصوتية لرؤية البوليبات (الأورام الحميدة) أو الأورام الليفية بشكلٍ أفضل. كما يمكن إجراءُ التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسَب لتشخيص الكثير من أمراض الرحم. تنظيرُ الرحم هو اختبارٌ آخر يمكن إجراؤه لتشخيص وجود البوليبات في الرحم. يَستخدِم تنظيرُ الرحم أنبوباً رفيعاً ومُضاءً لإظهار البطانة الداخلية للرحم. كما يمكن إزالةُ البوليبات في هذه المرحلة. يمكن تشخيصُ حالةُ انتباذ بطانة الرحم عبر إجراء تنظير البطن، وهي عملية جراحية تُستخدم لرؤية داخل البطن باستخدام مناظير طبِّية خاصَّة. خلال تنظير البطن، يكون الطبيبُ قادراً على أخذ عيِّنات صغيرة من الأنسجة غير الطبيعية، وذلك للتأكُّد من أنَّها أنسجة بطانة الرحم وليست سرطاناً. يمكن تشخيصُ اعتلال العضل والغدد بعد أن يجري استبعادُ وجود أسباب أخرى. وتكون الطريقةُ الوحيدة للوثوق بتشخيص اعتلال العضل والغدد هي بعد عملية استئصال الرحم، وهي عمليةٌ جراحية يجري خلالها استئصالُ الرحم.
المعالجة
يعتمد علاجُ أمراض الرحم على السبب، حيث يكون علاجُ بعض هذه الأمراض أسهلَ من البعض الآخر. يمكن معالجةُ اختلال التوازن الهرموني عن طريق حبوب منع الحمل أحياناً؛ فإذا كان الخللُ في الغدَّة الدرقية هو السبب، يمكن للعلاج بالأدوية أن يوقفَ من أعراض أمراض الرحم أيضاً. لا تسبِّب معظمُ البوليبات والأورام الليفية أيَّةَ أعراض، ولا تحتاج إلى أيِّ علاج، ويمكن لأدوية تخفيف الألم أن تساعدَ على معالجة الألم الخفيف. تُستخدَم المضادَّاتُ الحيوية لمعالجة التهاب بطانة الرحم والتهابات أخرى في الرحم. كما يمكن إجراءُ العلاج بالهرمونات للتحكُّم بمستويات الهرمونات، الأمر الذي يمكن أن يساعدَ على تقليص حجم البوليبات أو الأورام الليفية. كما يمكن أن يساعدَ على معالجة انتباذ بطانة الرحم واعتلال العضل والغدد الرحميَّة. عمليةُ التجريف أو الكشط هي عمليةٌ يجري خلالها كشطُ داخل الرحم باستخدام أدوات تُسمَّى "أدوات التجريف". وتُجرى هذه العمليةُ لإزالة بوليبات الرحم أحياناً. يمكن أن تستدعي الحاجةُ إجراءَ عملية جراحية لمعالجة بعض أمراض الرحم، حيث يمكن إزالةُ البوليبات والأورام الليفية في الرحم عبر عملية جراحية إذا كانت هذه الأورامُ تسبِّب مشاكل. كما يمكن أن تستدعي الحاجةُ إجراءَ جراحة لمعالجة انتباذ بطانة الرحم، حيث يكون الهدفُ منها إزالة بعض الأنسجة غير الطبيعية وتقليص الندبات التي يسبِّبها انتباذ بطانة الرحم. يمكن أن يُنصَح بإجراء جراحة لإزالة الرحم، وربَّما لإزالة المبيضين، إذا لم تنجح المعالجات الأخرى، وهذا ما يُسمَّى بعملية استئصال الرحم.
الخلاصة
تشكِّل أمراضُ الرحم مجموعةَ مشاكل تحدث في الرحم، والرحمُ هو عضوٌ في الجهاز التناسلي للمرأة. هناك بعضُ الأسباب الشائعة للمشاكل التي قد تواجه المرأة في الرحم، وتشمل هذه الأسبابُ اختلالَ التوازن الهرموني والنموَّ غير الاعتيادي أو غير الطبيعي والالتهابات أو العدوى. هناك الكثيرُ من الاختبارات التي يمكن استخدامُها لتحديد السبب وراء مشكلة الرحم. وتشمل هذه الاختباراتُ فحصَ الحوض وفحص الدم والبول والصور الشعاعية وتنظير البطن. يعتمد علاجُ أمراض الرحم على السبب؛ فالكشفُ عن المشكلة في وقتٍ مبكِّرٍ يسهِّل العلاجَ في معظم الحالات.