يض الذي يعاني من تشنُّج حاد؛ فإذا نصح الطبيب بإجراء عملية جراحية لتخفيف التشنُّج، فإنَّ القرار بإجراء هذه العملية أو عدم إجرائها يعود للمريض أيضاً. لا تفيد مضخَّةُ الباكلوفين في جميع الحالات. لذلك، يقوم الطبيب بإعطاء المريض جرعة باكلوفين تجريبية عبر بزل السائل الشوكي قبلَ إجراء العملية الجراحية لزرع مضخة الباكلوفين. تُعطى هذه الجرعةُ التجريبية للتأكُّد من أنَّ الباكلوفين يساعد على تخفيف التشنُّج، وأنَّ المريض يمكنه تحمُّل الباكلوفين دون الشعور بالغثيان أو التحسُّس. هذه العملية آمنة وتعطي نتائج جيدة. ولكن قد تحدث بعضُ المضاعفات. ومعرفةُ هذه المضاعفات ستساعد المريض على اكتشافها في وقت مبكِّر إذا حدثت.
مقدِّمة
يمكن أن يعيقَ التشنُّج أو الانقباض العضلي غير الطبيعي إلى حد كبير من قدرة المريض على الحركة والعمل. إذا فشلت المعالجاتُ الأخرى في السيطرة على التشنُّج، فقد يساعد على تخفيفه وضعُ دواء الباكلوفين حول الأعصاب في العمود الفقري. يمكن أن تكونَ مضخَّةُ الباكلوفين الموضوعة في الجسم فعَّالةً للغاية في السيطرة على التشنُّج. قد ينصح الأطباءُ بإجراء عملية جراحية لوضع مضخة الباكلوفين في جسم المريض الذي يعاني من تشنُّج شديد. في حال أوصى الطبيبُ بعلاج جراحي لحالة المريض، فإن القرار بإجراء هذه العملية أو عدم إجرائها يعود للمريض أيضاً. سوف يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على تكوين فهم أفضل لمنافع هذه العملية ومخاطرها.
التشريح
يحمي العمودُ الفقري النخاع الشوكي والأعصاب التي تخرج منه إلى مختلف أعضاء الجسم. يتألَّف العمودُ الفقري من أقسام صلبة من العظام تُدعى الفقرات. تمتدُّ الأعصابُ من الدماغ إلى الساقين وجميع أعضاء الجسم عبر العمود الفقري. عندما يُرسل الدماغُ الأوامرَ إلى أعضاء الجسم لتتحرك، أو عندما يصدر أوامر أخرى إلى أعضاء الجسم، تُنفَّذ هذه الأوامر عبرَ الأعصاب. تنتقل هذه الأوامرُ عبر النبضات الكهربائية في الأعصاب. يكون الجهازُ العصبي متناسقاً عادةً؛ فعندما يرسل أمراً إلى عضلة بالانقباض، فإنَّه يسبِّب تمدُّدَ العضلة المقابلة لها. على سبيل المثال، إذا أراد المرءُ أن يمدَّ ساقه بشكل مستقيم، يقوم الدماغ بإرسال أمر بالانقباض إلى العضلة الرباعية الرؤوس الواقعة في الجزء الأمامي من الفخذ. وفي الوقت نفسه، يرسل أمراً بالتمدُّد إلى العضلة المأبضية الموجودة في الجزء الخلفي من الفخذ.
الأعراضُ وأسبابها
يمكن أن يَحدثَ التشنُّج أو الانقباض العضلي غير الطبيعي في حالات مختلفة. التصلُّبُ المتعدِّد هو مرضٌ يصيب الجهاز العصبي. وقد يتسبَّب بانقباض شديد في العضلات وصعوبة في تمدُّدها. كما يمكن لإصابات الحبل الشوكي أن تحدث التشنُّج أيضاً. لا يتمكَّن الشخصُ المصاب بالتشنُّج عادةً من تمديد عضلاته. يمكن أن يسبب هذا الوضع مشاكل في تحريك أو استخدام الأطراف. كما يمكن أن يسبِّب الألم. لكن يستطيع بعضُ المرضى الذين يعانون من ضعف شديد استخدامَ التصلب الذي يترافق مع التشنُّج لمصلحتهم، إذ إنَّ هذا التصلُّب يسمح لهم - على سبيل المثال - بحمل الأوزان والمشي.
المعالجاتُ البديلة
ينصح الطبيبُ عادة بزرع مضخَّة باكلوفين عندما يكون التشنُّج شديداً، ولا يمكن تدبيره بالأدوية العادية أو بمعالجات أخرى. لا يساعد هذا النوعُ من العلاج في جميع الحالات. الباكلوفين هو دواءٌ يستخدم كثيراً لعلاج التشنُّج. وهو يُؤخَذ عن طريق الفم، ويمكن استخدامه بالترافق مع أدوية أخرى ترخي العضلات لمساعدة المريض على التخلُّص من التشنُّج. ويمكن أن يساعدَ العلاجُ الفيزيائي والعلاج المهني وأنواع أخرى من العلاج المريض على الاسترخاء والتعامل مع التشنُّج. في بعض الأحيان، قد ينصح الطبيبُ بحقن العضلة بالبوتوكس عندَ وجود انقباض شديد في عضلة معيَّنة أو في مجموعة من العضلات. البوتوكس يشلُّ العضلات لعدة أسابيع أو أشهر، ويساعد على تخفيف بعض حالات التشنُّج. وفي حالات نادرة، قد يقترح الطبيبُ إجراءَ عملية جراحية لقطع الأعصاب بالقرب من الحبل الشوكي لدى بعض المرضى. وتُسمَّى هذه العملية بَضع الجَذر العصبي. إنَّ زرع مضخة الباكلوفين ليست عملية جذرية مثل عملية بَضع الجَذر العصبي.
العلاجُ الجراحي
يقوم الطبيبُ بإعطاء المريض جرعة باكلوفين اختباريَّة عبر بزل السائل الشوكي قبل إجراء العملية الجراحية لزرع مضخَّة الباكلوفين. يفعل الطبيبُ ذلك للتأكُّد من أنَّ الباكلوفين يساعد على تخفيف التشنُّج، وأنَّ المريضَ يمكنه تحمُّل الباكلوفين دون الشعور بالغثيان أو التحسُّس. تُجرى العمليةُ الجراحية إمَّا تحت التخدير الموضعي أو تحت التخدير العام، وهذا الأمر يتوقَّف على اختيار الطبيب. تستغرق العملية الجراحية عادةً ساعة واحدة. تُزرع المضخةُ تحت جلد البطن وتوصل بالعمود الفقري بواسطة أنبوب يُسمَّى القثطار. يُجري الجراحُ أوَّلاً شقاً في منتصف الظهر. ثم يُدخل قثطاراً أو أنبوباً مرناً من شقِّ الظهر إلى العمود الفقري، مع استخدام صور الأشعة السينية لإيجاد المكان الأفضل لإدخال القثطار. لوضع مضخَّة الباكلوفين، يُجري الجرَّاح الشقَّ الثاني تحت القفص الصدري من الجهة الأمامية عادة. ولكن، قد ينصح الجرَّاح بموقع مختلف للمضخَّة. تُوضَع مضخَّةُ الباكلوفين تحت الجلد من الجهة الأمامية للجسم. يُمرَّر القثطارُ الموصول بالعمود الفقري تحت الجلد من شق الظهر إلى الشقِّ الأمامي حيث يجري وصلُه بالمضخَّة. يجري إغلاقُ جميع الشقوق في نهاية العملية الجراحية. يُزرع النظامُ بأكمله تحت الجلد. وقد لا يظهر أبداً تحت الملابس العادية، ولكنَّه قد يبرز تحت الملابس الملاصقة للجسم.
المخاطرُ والمضاعفات
هذه العمليةُ آمنةٌ جداً. لكن هناك العديد من المخاطر والمضاعفات المحتملة، رغم أنَّها مستبعَدة. ويجب على المريض أن يتعرَّفَ إليها تحسُّباً لحدوثها، لأنَّ معرفتها قد تجعله قادراً على مساعدة الطبيب في الكشف عن هذه المضاعفات في وقت مبكِّر. تشمل المخاطرُ والمضاعفات المخاطرَ والمضاعفات الناجمة عن التخدير، والمخاطر والمضاعفات الناجمة عن أي نوع من العمليات الجراحية.
تشمل المخاطرُ الناجمة عن التخدير العام الغثيانَ والتقيُّؤ وانحباس البول وجرح الشفاه وتكسُّر الأسنان والتهاب الحلق والصداع. وهناك مخاطر أكثر جدِّية، لكنَّها نادرة، وهي النوبات القلبية والسكتات الدماغية والالتهاب الرئوي.
سوف يتحدَّث طبيبُ التخدير مع المريض عن هذه المخاطر، وسوف يسأله إن كان يتحسَّس من بعض الأدوية. يمكن أن تحدثَ جلطات دموية في الساقين بسبب عدم الحركة في أثناء العملية وبعدها. وهي تظهر بعدَ بضعة أيام من الجراحة عادةً؛ وتسبِّب تورُّماً وألماً في الساق. يمكن لهذه الجلطات الدموية أن تنتقلَ من الساق لتصل إلى الرئتين، حيث تسبِّب ضيقاً في التنفس وألماً في الصدر، وقد تؤدي إلى الموت. ولذلك، فمن المهم للغاية أن يخبر المريض الطبيبَ عن هذه الأعراض فور حدوثها. يحدث ضيق التنفُّس من دون سابق إنذار أحياناً. قد يساعد نهوضُ المريض من الفراش والمشي بعد وقت قصير من العملية على تخفيف مخاطر حدوث الجلطات الدموية في الساقين. هناك بعضُ المخاطر التي يمكن أن تنجم عن أي نوع من أنواع العمليات الجراحية، ومنها:
العدوى العميقة في العمود الفقري أو البطن أو على مستوى الجلد.
النزف.
ظهور ندبات جلديَّة قد تكون مؤلمة أو قبيحة الشكل.
هناك مخاطر ومضاعفات أخرى تنجم عن هذه العملية الجراحية تحديداً؛ وهي نادرة جداً أيضاً. ومع ذلك، من المهم معرفتها. قد يتسرَّب السائل الشوكي من حول الأعصاب، ويُسبِّب صُداعاً. وقد يحدث التهابُ السحايا حول الأعصاب والحبل الشوكي. يجب الاتصالُ بالطبيب على الفور في حال ظهور أعراض مثل الحمَّى والصداع والتعب الشديد. وهناك احتمالٌ ضئيل جداً للإصابة بضعف عام أو حتى بالشلل. في بعض الأحيان، يريح الباكلوفين العضلات لدرجة أنَّ المريضَ الذي يعتمد على بعض صلابة العضلات للتمكن من المشي، يصبح غيرَ قادر على القيام بذلك. وفي مثل هذه الحالات، قد يحتاج الأمر إلى تخفيض جرعة الدواء. هناك احتمالٌ ضئيل بأن تُصابَ الأمعاء أو المثانة. ومع ذلك، هذا أمر نادر جداً. تتعلَّق المخاطرُ الأخرى الناجمة عن هذه العملية الجراحية تحديداً باستخدام جهاز ميكانيكي. من المحتمل أن يخرجَ القثطارُ من مكانه أو أن يتعرَّض للكسر، ممَّا يستدعى استبدالَه. وقد تتوقَّف المضخَّةُ عن العمل أو تصبح ملوَّثة، ممَّا يستدعي استبدالها. تدوم البطاريةُ بين ثلاث وأربع سنوات، وبعد ذلك يجب استبدال المضخَّة كلها. الباكلوفين هو الدواء الوحيد الذي وافقت عليه إدارة الأغذية والأدوية لهذا الاستخدام. وأيُّ نوع آخر من الدواء المستخدم هنا هو دواء اختباري. حقنُ الباكلوفين حولَ العمود الفقري هو علاج جديد نسبياً. لذلك، فإنَّ الآثارَ الطويلة الأمد لحقن الباكلوفين غير معروفة. في حالات نادرة للغاية، يمكن أن تتشكَّلَ أنسجة متندِّبة في رأس القثطار حول الأعصاب والنخاع الشوكي. يصبح هذا التندُّبُ أحياناً كبيراً لدرجة أنَّه يضغط على الأعصاب أو النخاع الشوكي. ويمكن أن يسبِّبَ الألمَ والضعف والشلل. وفي هذه الحالات النادرة، يحتاج الأمر إلى إجراء عملية جراحية لإزالة النسيج المتندِّب عن الأعصاب والنخاع الشوكي. قد يعتاد الجسمُ تدريجياً على جرعات أعلى من الباكلوفين. لذلك من المهم للغاية البقاءُ على أدنى جرعة ممكنة تساعد على تخفيف التشنُّج. وقد يتوقَّف الدواءُ عن تخفيف التشنُّج، إذا اعتاد الجسمُ على تلقِّي المزيد من الباكلوفين. من المهم جداً المحافظة على كمِّية منخفضة إذا كان المريض يتوقَّع استخدامَ المضخة لمدة طويلة.
بعدَ الجراحة
يجب على المريض الامتناع لعدة أسابيع عن الانحناء أو الالتواء أو حمل الأشياء الثقيلة. بعدَ هذه الفترة من الراحة النسبية، قد يحتاج المريض إلى علاج فيزيائي لمساعدته على استئناف نشاطاته السابقة. سوف يقرِّر الطبيبُ ما إذا كان المريض قادراً على استئناف كل نشاطاته السابقة اعتماداً على وضعه الصحي خلال زيارة المراجعة. وسوف يخبر الطبيبُ المريضَ متى يتوقع شفاء ظهره ومتى يمكنه العودة إلى العمل. وهذا يعتمد على عمره، ونوع عمله، وحالته الطبِّية، بالإضافة إلى عوامل أخرى. تحتاج المضخةُ إلى إعادة تعبئة بالباكلوفين كل ثلاثة إلى أربعة أشهر اعتماداً على الكمية المستخدمة. تُعبَّأ المضخة بواسطة إبرة خاصة تُدخل عبر الجلد. وهذه العمليةُ غير مؤلمة، ولكنَّ المريضَ سيشعر بوخزة إبرة صغيرة. يمكن برمجةُ المضخَّة من الخارج لإعطاء الكمية المطلوبة من الباكلوفين إلى الأعصاب. لابدَّ من التذكير بأنه يجب استخدام أقل كمية ممكنة من الباكلوفين. المضخَّةُ مزودة بإنذار منخفض الصوت ينطلق عندما تتوقف المضخة عن العمل، وعندما تحتاج إلى تعبئة بالباكلوفين. قد يُعاني المريضُ من أعراض انسحاب عند توقُّف إمدادات الباكلوفين إلى الأعصاب. يمكن أن تشمل أعراض الانسحاب الشعورَ بالمرض، مع أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والحمى والحكَّة. على المريض الاتصال بالطبيب على الفور عند سماع إنذار المضخة أو تفاقم التشنُّج أو الشعور فجأة بانزعاج أو عصبية. ويجب أن يطلب المريضُ من أفراد عائلته الاتصال بالطبيب على الفور إذا شعر بنعاسٍ شديد، ووجد صعوبةً في الاستيقاظ، لأنَّ هناك احتمالاً بأنَّه يعاني من جرعة زائدة قد تكون قاتلة. قد ينطلق إنذارُ المضخَّة عندما يمر المريض عبر جهاز لكشف المعادن (في المطار مثلاً). لذلك من المهم أن يحملَ معه بطاقة تسجيل تثبت أنَّ لديه جهازاً طبياً مزروعاً في جسمه. يجب أن يخبرَ المريضُ جميعَ مقدِّمي الرعاية الصحية بأن لديه مضخة مزروعة في جسمه. وهذا لا يشمل الأطباء والممرضات وحسب، بل اختصاصيي تقويم العمود الفقري والعلاج الفيزيائي والتدليك، والصيادلة، وغيرهم من مقدِّمي الرعاية الصحية أيضا. ويلزم أحياناً تغيير بعض المعالجات والإجراءات أو قد تشكِّل هذه العلاجات والإجراءات خطراً على الأشخاص الذين يستخدمون هذه المضخة.
الخلاصة
يمكن أن تساعد مضخةُ الباكلوفين على تخفيف التشنُّج عندما تفشل المعالجات الأخرى. هذه العمليةُ آمنة وتعطي نتائج جيدة. لكن، كما ذكرنا سابقاً، قد تحدث بعضُ المضاعفات. ومعرفة هذه المضاعفات تساعد المريض والطبيب على كشفها ومعالجتها باكراً إذا ما حدثت.