تاريخ النشر 22 اغسطس 2016     بواسطة الدكتور ثامر فهد المبكي     المشاهدات 201

النقرس

النقرس هو شكلٌ مؤلم من التهاب المِفصل، وهو يسبب تورماً واحمراراً وسُخونة وتيبّس في المَفاصل. يحدثُ النقرس عندَ تراكم حمضُ اليوريك في الدم. ويحدثُ هذا إذا أنتج الجسم كميّة زائدة من الحمض أو إذا لم يطرح الكمية الكافية منه أو إذا أكل الشخص الكثير من الأطعمة الغنيّة بالبورينات، مثل الكبدة والبقوليّ
ات المُجفّفة. يملكُ النقرَس الكاذِب أعراض مُشابهة، لذلك يُلتبَس أحياناً مع النقرس، إلا أنّ سببه يرجع لفوسفات الكالسيوم وليس لحمض اليوريك. يُهاجم النقرس في البدايَة إبهام القدَم، كما أنّه قد يُهاجم الكاحلين والعَقِبين والركبتين والمِعصَمين وأصابع اليد والمرفقين. يزداد احتمال إصابة الشخص بالنقرس لو كان:
رجلاً.
عنده أحد أفراد أسرته مصاب بالنقرس.
يشرب الكحول.
تتحسّنُ نوبات النقرس في البداية في غُضون أيام عادةً. غير أنّ النوبات تستمر في نهاية الأمر لمدد أطور ويزداد عددها. قد يؤدّي تراكم حمض اليوريك لحدوث الحصيات الكلوية. ويتسبّبُ النقرس في حال تركه دون معالجة لتلف دائِم في المفاصل والكليتين. يمكنً معالجة النقرس بالأدوية.
مقدمة
النقرس هو التهاب مفاصل. يعاني مرضى النقرس من تورم وآلام في المفاصل. فإذا لم يُعالج مرض النقرس يمكن أن تصبح نوباته أكثر ألماً وأكثر تكراراً. وبالمقابل فإن استخدام العلاج المناسب يمكن من منع تفاقم النقرس والسيطرة على الألم الذي يسببه. تقدم هذه المعلومات الصحية معلومات حول كيفية حدوث النقرس، وحول الخيارات المتاحة في معالجة النقرس، مع تقديم بعض النصائح للوقاية منه.

المفاصل والتهاب المفاصل
في جسم الإنسان مئتان وستة عظام تعطي للجسم شكله وقوته. إن أي مكان يلتقي فيه عظمان يسمى مفصلاً. في المفاصل، يغطي نهايات العظام نسيج غضروفي. في داخل كل مفصل سائلٌ شفاف يسمى السائل الزليلي. يقوم هذا السائل بدور التزليق داخل المفصل، وهو في ذلك يشبه ما يقوم به الزيت من دور التزليق في محرك السيارة. إن السائل الزليلي يسمح للمفصل بسلاسة الحركة ويحد كثيراً من احتكاكها. عندما تتأذى أنسجة المفصل أو تصاب بمرض، فقد تتورم وتصبح حمراء وساخنة ومؤلمة. وهذا ما يسمى التهاب المفاصل. هناك أكثر من مئة نوع من التهاب المفاصل. والنقرس واحد من هذه الأنواع، فمن بين كل عشرين مريضاً بالتهاب المفاصل يوجد مريض واحد مُصاب بالنقرس. ينجم النقرس عن ترسب بلّورات مادة تُدعى حمض اليوريك في المفاصل. تقدم الفقرات التالية معلومات حول حمض اليوريك وكيف يسبب النقرس.
الأسباب
البورين هو مركب كيماوي يوجد في كل خلايا الجسم. مع انقسام وتكاثر الخلايا، يفكك الجسم مادة البورين بصورة مستمرة ويعيد استخدام مكوناتها لصنع خلايا جديدة. يقوم الجسم بطرح ما يفيض من البورين عبر البول على شكل حمض اليوريك، وهو مركب كيماوي آخر. أحياناً، يمكن أن تصبح مستويات حمض اليوريك عالية في الدم. تسمى هذه الحالة "فرط حمض اليوريك في الدم". عندما يزداد مستوى حمض اليوريك في الدم، تتشكل منه بلورات حمض اليوريك. يشبه هذا ما يحدث للملح عندما يوضع في كوب من الماء. إذا تم إضافة ملح إلى كوب من الماء ففي البداية ينحل الملح ويصبح غير مرئي، ولكن إذا أضفنا إلى الكوب مزيداً من الملح، يمكننا رؤية بلورات الملح تتشكل وتسقط في قاع الكوب. تبدو بلورات حمض اليوريك تحت المجهر حادة ومدببة شبيهة بالإبر الصغيرة. وعند بعض الناس تترسب بلورات حمض اليوريك في المفاصل. يمكن أن تترسب بلورات حمض اليوريك تحت الجلد أيضاً، فتشكل نتوءات يمكن جسُّها على سطح الجلد. يسمى كل نتوء "توفة". الجهاز المناعي هو وسيلة الجسم للدفاع ضد المرض، وهو يدرك أن هذه البلورات يجب ألا تكون موجودة في المفاصل فيبدأ بمهاجمتها. وهذا ما يسبب الألم والتورم و الممض في المفصل المصاب بالنقرس. يمكن أيضاً أن تترسب بلورات حمض اليوريك الفائضة في الكليتين فتسبب الحُصَيّات الكلوية.
عوامل الخطورة
هناك أشخاص معرضون أكثر من غيرهم لارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم، وبالتالي للإصابة بالنقرس. وهناك أمراض وراثية تزيد من سوية حمض اليوريك في الدم، إذ أن 6-18% من مرضى النقرس لديهم أشخاص آخرون في العائلة مصابون بالنقرس. إن تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالبورين يمكن أن يؤدي إلى إنتاج الجسم للمزيد من حمض اليوريك. ومن الأطعمة الغنية بالبورين: المحار والأعضاء الداخلية للحيوانات مثل الكبد والكليتين والدماغ. كما أن البازلاء والفاصولياء اليابسة وسمك الأنشوفة أطعمة غنية بالبورين. يجب تجنب الكحول. إن تناول الكحول يقلل من قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك الفائض ويؤدي إلى مستويات مرتفعة في مجرى الدم. إن التعرض إلى مستويات عالية من الرصاص يزيد من مستوى حمض اليوريك في الدم. 
كما أن زيادة الوزن تزيد من خطر الإصابة بالنقرس. يزيد تناول بعض الأدوية من خطر زيادة حمض اليوريك في الدم. إن الأدوية المدرة للبول تؤثر على قدرة الكليتين على طرح حمض اليوريك من الدم. وهذا يؤدي إلى زيادة مستوياته في الدم. تُعطى هذه الأدوية المدرة للبول للمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم وبالمشاكل القلبية. وهناك أدوية أخرى يمكن أن تزيد من مستويات حمض اليوريك في الدم مثل دواء ليفودوبا الذي يعطى لمرضى داء باركنسون، وكذلك الساليسيلات مثل الأسبرين. إن المرضى الذين يعالجون بالسيكلوسبورين معرضون كثيراً لخطر الإصابة بالنقرس. السيكلوسبورين دواء يعطى عادة لمرضى زرع الأعضاء وذلك لحمايتهم من رفض أجسامهم للأعضاء المزروعة.
المراحل و الأعراض
يصيب النقرس 275شخصاً من بين كل 100 ألف نسمة. ويصاب الرجال بالنقرس أكثر من النساء بقليل. تظهر أول أعراض النقرس عادة في أوائل الأربعينات من العمر. إن المستويات العالية من حمض اليوريك في الدم لا تؤدي وحدها إلى ظهور أعراض النقرس. تبدأ أعراض النقرس بالظهور عندما تبدأ بلورات حمض اليوريك بالترسب في أنسجة الجسم: تحت الجلد، وفي المفاصل، وفي الكليتين. عند الكثير من مرضى النقرس يكون العرض الأول هو الألم والاحمرار في إبهام القدم. تسمى هذه الحالة "نقرس إبهام القدم". يصاب ثلاثة من أصل أربعة من مرضى النقرس بنقرس إبهام القدم في مراحل مختلفة. المفاصل التي كثيراً ما تصاب بالنقرس هي:
الكاحل.
الكعبان.
الركبتان.
الرسغان.
الأصابع.
المرفق.

إن هجمات التهاب المفاصل الناجمة عن النقرس تستمر عادة بضعة أيام ثم تتحسن من تلقاء ذاتها. مع مرور الوقت، يمكن أن تصبح هجمات النقرس أكثر تكراراً وتدوم فترة أطول وتتطلب معالجة. إذا لم يعالج النقرس فإنه قد يسبب الإعاقة والعجز. ولكن معظم المرضى لا يصلون إلى هذه المرحلة لأن النقرس يكتشف ويعالج باكراً أكثر الأحيان. 
وتسمى المرحلة الأخيرة من النِقرِس بالنقرس التوفي. وفيه تصاب المفاصل بتلف دائم، وقد تصاب الكليتان أيضاً بضرر يتعذر شفاؤه.
التشخيص
بعد الاستماع إلى ما يقوله المريض وإجراء الفحص السريري الشامل، يمكن أن يطلب الطبيب تحليل دم لمعرفة مستوى حمض اليوريك في الدم. إذا كان المفصل ملتهباً أثناء زيارة المريض لعيادة الطبيب، فيمكن أن يقوم الطبيب بسحب بعض السائل من المفصل. ويجرى هذا تحت التخدير الموضعي. ثم يرسل العينة إلى مختبر التشريح المرضي لفحصها تحت المجهر. إذا لم يعثر طبيب المختبر على بلورات في سائل المفصل، يمكن أن يستخرج الطبيب إحدى "التوفات" أو النتوءات الموجودة تحت الجلد ليرسلها إلى المختبر للتحري عن بلورات حمض اليوريك. يمكن للأشعة السينية أن تظهر ترسبات بلورات حمض اليوريك وأي تلف بالعظام ناجم عن الالتهابات المتكررة. من المهم أن نعلم أن أكثر الناس الذين لديهم فرط حمض بول في الدم لا تظهر لديهم أعراض التهاب المفاصل النقرسي مثل التورم والاحمرار والألم العفوي أو المحرض باللمس. خلال هجمات النقرس الحادة، لا يكون مستوى حمض اليوريك في الدم مرتفعاً دائماً. لهذا من الضروري بزل المفصل المصاب (سحب سائل منه) أو أخذ جزء صغير من إحدى التوفات جراحياً لدراسته من قبل أخصائي في علم الأمراض.
المعالجة
تتم معالجة النقرس بالأدوية التي:
تخفف آلام هجمات النقرس.
تخفف التهاب المفاصل.
تقلل من مستوى حمض اليوريك في الدم.
يوصي الأطباء باستخدم الأسيتامينوفين (البنادول) للتخفيف من الألم. ويجب تجنب استعمال الأسبرين في النقرس لأنه يمكن أن يمنع الكلية من طرح حمض اليوريك. وإذا كان ألم النقرس شديداً يمكن أن يصف الطبيب مسكنات أقوى لتخفيف الألم. إن لمعالجة النقرس أهدافاً عديدة. وأهم هذه الأهداف هو السيطرة على الألم الشديد الناجم عن هجمات النقرس. كما تهدف معالجة النقرس إلى الوقاية من الهجمات ومنع تشكل توفات جديدة وحصيات كلوية. إن الأدوية التي تدعى مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية فعالة في معالجة النقرس الحاد. أما الآثار الجانبية الشائعة لهذه الأدوية فهي:
تهيج الجهاز المعدي المعوي.
قرحات في المعدة والأمعاء.
نزف معوي.
ردة فعل تحسسية شديدة.
إذا كانت معدة وأمعاء المريض تتحسس من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، يمكن وصف الستيروئيدات القشرية لمعالجة النقرس الحاد. إن الكولشيسين هو دواء آخر فعال جداً في الحد من التورم والألم وفي إنهاء هجمة النقرس. ويكون هذا الدواء أكثر فعالية إذا تناوله المريض في غضون 12 ساعة من بدء الهجمة. يمكن إعطاء الدواء الذي يقلل من مستوى حمض اليوريك في الدم لمعالجة النقرس أيضاً. ومن هذه الأدوية الألوبورينول أو الفيبوكسوتات (يولوريك®) أو البروبنسيد.
الوقاية
إن للوقاية من هجمات النقرس أهمية لا تقل عن أهمية معالجتها. وفيما يلي خمس نصائح للوقاية من النقرس .
الإكثار من شرب الماء والسوائل فهذا يساعد الإنسان على إزالة حمض اليوريك ومنعه من الترسب في الانسجة.
تخفيف الوزن عن طريق التقليل من الطعام وممارسة التمارين الرياضية. وينبغي أن يخفف الإنسان وزنه تحت إشراف الطبيب، لأن فقد الوزن السريع يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مرض النقرس.
تجنب تناول الأطعمة الغنية بالبورين، مثل المحار و الأعضاء الداخلية مثل الكبد والكلية والدماغ.
تجنب الكحول. فإن تناول الكحول يقلل من قدرة الجسم على التخلص من حمض اليوريك الفائض.
تناول أدوية لخفض مستوى حمض اليوريك في الدم.
أثناء الهجمة، يمكن تخفيف الألم بإراحة المفصل الملتهب ورفعه. ويمكن أيضاً التخفيف من الألم بوضع كمادات من الثلج على المفصل.
الخلاصة
النقرس واحد من أكثر أمراض التهاب المفاصل ألماً. إذا لم يعالج النقرس سريعاً فإنه يمكن أن يؤدي إلى هجمات مؤلمة ويمكن أن يسبب عجزاً وحصيات كلوية. إن التغيير المدروس للنظام الغذائي أمر مهم يماثل في أهميته أهمية تناول الأدوية التي تقي من النقرس. بفضل التقدم الطبي، أصبحت معالجة و وقف تدهور النقرس ممكناً وناجحاً عادةً.


أخبار مرتبطة