تاريخ النشر 15 اغسطس 2015     بواسطة الدكتور ريان كمال الحسيني     المشاهدات 201

الإعاقة السمعية

المساعدات السمعية المغروسة في الأذن الوسطى و خلفها مقدِّمة تعتبر مشكلة نقص السمع من المشاكل الشائعة بين الناس حيث تشير بعض الدراسات لوجودها عن 10% من الناس ، و ترتفع هذه النسبة عند كبار السنِّ؛ فهناك واحدٌ من كلِّ ثلاثة أشخاص ممن هم فوق سنِّ الخامسة والستين يعانون من نقص السمع. التشريحُ والس
مع
الأذنان عضوان هامان ذوا تخصص بالسمع، يمنحان الإنسانَ القدرةَ على السمع والتوازن. تتألَّف كلُّ أذن من ثلاثة أقسام:
الأُذُن الخارجية، وتضمُّ الصيوان ومجرى السمع الذي هو قناة تنتهي بغشاء الطبل.
الأُذُن الوسطى، وتتشكَّل من ثلاثة عظام صغيرة تعرف باسم العُظَيْمات السمعيَّة.
الأذن الداخلية. التي تحوي القوقعة الأذنية و أقنية مسؤولة عن التوازن يرتبطان كلاهما بعصب يتجه نحو الدماغ.
قد ينجم نقص السمع عن أسباب مرضية موجودة إما في الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى و هنا يسمى نقص سمع توصيلي أو نقلي ، أو في الأذن الداخلية و العصب السمعي المسؤول عن نقل السمع إلى الدماغ ، و في حالات نادرة قد تكون الأسباب ناتجة عن أمراض عصبية داخل الدماغ يسمى حينها نقص سمع حسي عصبي ، و قد تكون المشكلة في الأذن الوسطى و الداخلية و عندها يدعى نقص سمع مختلط .
ولقد ساهم التقدم الطبي و العلمي كثيراً في إيجاد الحلول إما العلاجية دوائياً أو جراحياً ، أو بالأجهزة الالكترونية المقوية للسمع .
يمكن لمعظم الناس أن يجدوا حلاًّ لمشكلة نقص السمع لديهم باستخدام المُساعِدات السمعية أو أجهزة تقوية السَّمْع التي باتت أصغر حجماً وأفضل أداءً بفضل التقدُّم التكنولوجي.
غالباً ما تستخدم الأجهزة المساعدة السمعية في الحالات التي تكون المشكلة فيها على مستوى الأذن الداخلية و العصب السمعي ، و في حالات قليلة في أمراض أذن وسطى غير قابلة للعلاج جراحياً إما بسبب تأخر المريض في العلاج أو رفضه للجراحة .
تقسم المساعدات السمعية إلى 3 أقسام عادة :
مساعدات سمعية خارجية توضع في الأذن الخارجية .
مساعدات سمعية تزرع في الأذن الوسطى و تحت الجلد خلف الأذن ..
مساعدات سمعية تزرع داخل الأذن الداخلية(القوقعة) و خلف الأذن ..
في مقالنا هذا سنسلط الضوء على النوع الثاني منها الذي يتم زرعه داخل الأذن الوسطى و خلف الأذن و دورها في إعادة السمع و هي تسمى عادة المساعدات السمعية المغروسة داخل الأذن .
نظام زراعة المساعدات السمعية المغروسة
إن نظام المساعدات السمعية المغروسة قد أتاح عالم من الامكانيات السمعية للأفراد الذين لم يشعروا بتحسن مع المعينات السمعية التقليدية التي توضع في الأذن الخارجية أو كانوا لا يستطيعون استخدامها لأسباب طبية.
يكون هكذا الحال عادة مع ضعف السمع الدائم بعد جراحات الأذن الوسطى أو عندما لايمكن ارتداء المعينات السمعية بسبب وجود التهاب مزمن (مثلا فى الأذن الخارجية).
يمثلهذا النوع حلاً فعالاً لحالات ضعف السمع الحسي العصبي الخفيف إلى الشديد. وأيضاً حالات ضعف السمع التوصيلي والمختلط.
على عكس المعينات السمعية والتى تقوم بتضخيم الأصوات الداخلة لقناة الأذن الخارجية، فإن المساعدات السمعية المغروسة داخل الأذن تقوم بتحويل الإشارات (الأصوات) من البيئة المحيطة إلى اهتزازات ميكانيكية. تقوم هذه الطاقة الميكانيكية مباشرةً بتحفيز مكونات الأذن الوسطى (عظيمات السمع ) وتتيح حتى الإحساس بالنغمات عالية التردد بشكل إستثنائي . 
هناك 3 أنواع من الأجهزة لهذا النظام :
النوع الأول يسمى جسر الصوت المهتز Vibrant Soundbridge .
و الثاني يسمى المساعد السمعي المزروع بالكامل Totally Implantable Hearing System ( Esteem ) .
و الثالث المساعد العظمي المثبت بالعظم Bone Anchored Hearing Aid(BAHA).
جهاز جسر الصوت المهتز Vibrant Soundbridge :
استطباباته :
يستخدم هذا الجهاز عادة عند المرضى بعمر 18 سنة فما فوق ، و الذين لديهم نقص سمع حسي عصبي متوسط إلى شديد ، أو نقص سمع توصيلي أو مختلط لمن لا يمكن وضع سماعة عادية له لأسباب مرضية أو تجميلية .
كيف يعمل نظام جسر الصوت المهتز Vibrant Soundbridge ؟
في الحالات الطبيعية عند سماع صوت، تنتقل الموجات الصوتية بفعل الهواء عبر الأذن الخارجية إلى غشاء الطبلة مرورًا بقناة الأذن. تسبب هذه الموجات الصوتية اهتزازًا لغشاء الطبلة وبالتالي العظيمات. تقوم العظيمات بنقل معلومات الصوت بعد ذلك إلى الأذن الداخلية والقوقعة عبر النافذة البيضاوية.
يرتبط نظام المساعدات السمعية المغروسة داخل الأذن مباشرة بالجزء الميكانيكي من عملية السمع و الذي يتمثل باهتزاز عظيمات السمع . حيث يتم وصل محفّز اهتزاز العظيمات التعويضي بإحدى العظيمات او النافذة المستديرة ويسبب اهتزازاً للبنية التى أوصل بها مباشرةً. تقوم تقنية “التوصيل المباشر” هذة بتضخيم الأشارة الصوتية الطبيعية ونقلها إلى القوقعة. وبفضل هذه التقنية، يظل المسار الطبيعي لنقل الصوت سليمًا.
يعمل جهاز محفّز اهتزاز العظيمات التعويضي في حدود نطاق ترددي واسع يصل إلى 8000 هرتز، الأمر الذي يجعل من الممكن توفير جودة صوت طبيعية للكلام والنغمات.
يتكون هذا الجهاز منمعالج الصوت Audio processor الذي يوضع خلف الأذن ويشكل الجزء الخارجي من النظام وهو يقوم باستقبال الأصوات الموجودة في المحيط الخارجي و يحولها كإشارات سمعية عبر الجلد إلى جزء آخر يتم غرسه جراحياً خلف الأذن يسمى محفّز اهتزاز العظيمات التعويضي أو البديل (VORP ) (Vibrating Ossicular Prosthesis) .
يحتوي (VORP ) على محول للإشارات الصوتية القادمة الجزء الخارجي (معالج الصوت) إلى اهتزازات تنتقل للعظيمات السمعية عبر سلك ينتهي بقطعة معدنية صغيرة تسمى ناقل الكتلة الطافي أو العائم Floating Mass Transducer (FMT) 
يتصل ناقل الكتلة الطافي أو العائم (FMT) مع عظيمة السمع المسمّاة السندان مسببة اهتزازاً مشابهاً للحالة الطبيعية ينتقل عبرها إلى عظمة الركابة و منها إلى الأذن الداخلية و العصب السمعي بحيث يصبح من الممكن تعويض الخلل الحاصل في الأذن الوسطى و يحسّن فقدان السمع وأيضاً تحقيق جودة صوت طبيعية أثناء الحديث وأيضاً لأصوات البيئة المحيطة.
عملية الزرع:
تستغرق جراحة نظام المساعدات السمعية المغروسة داخل الأذن جسر الصوت المهتز Vibrant Soundbridge حوالي ساعتين. وخلال هذا الوقت، يتم زرع VORP خلف الأذن تحت الجلد و يوصل ناقل الكتلة الطافي أو العائم (FMT) مع عظيمات السمع . وتُجرى الجراحة تحت تخدير عام أو موضعي. لا يمكن رؤية هذه الغرسة من الخارج. بعد حوالي ثمانية أسابيع بعدما تلتئم الغرز وينحسر التورم، يمكن تنشيط الغرسة عن طريق ارتداء معالج الصوت الخارجي . و يقوم أخصائي سمعيات أو أخصائى أنف وأذن وحنجرة بضبط معالج الصوت لملائمة الإشارات التي يتم تضخيمها بواسطة FMT لتلبية الاحتياجات الخاصة بالمتلقي.
يتميز هذا الجهاز عن السماعات العادية بأنه يؤمن تقوية في السمع أفضل ، وضوح أكثر في سماع الأصوات و الكلام و تمييزها و خاصة في الضجيج ، كما أنه يلغي موضوع الصفير الذي قد يحدث مع السماعات العادية ، كما أنه يترك الأذن الخارجية و مجرى السمع طبيعية بدون إغلاقها . .
جهاز المساعد السمعي المزروع بالكامل Totally Implantable Hearing System ( Esteem )
هذا الجهاز يشابه لدرجة كبيرة الجهاز السابق مع الاختلافات التي تجعله بدون أي قطعة خارجية ويكون مغروساً بالكامل Totally Implantable Hearing System (Esteem) و هو بدون معالج صوتي خارجي لأنه يكون مزروع تحت الجلد والمستقبل للصوت يكون هو طبلة الأذن أو عظيمة المطرقة المتصلة بها ، و تتم معالجة الصوت بنفس الجهاز المغروس خلف الأذن الذي يولد حركة اهتزاز العظيمات إلى القوقعة .
استطباباته :
يستخدم هذا الجهاز عند المرضى الذين لديهم نقص سمع حسي عصبي متوسط إلى شديد . بعمر 18 سنة فما فوق ، مع وظيفة طبيعية للأذن الوسطى أي طبلة الأذن و العظيمات سليمة ، و نفير أوستاش سليم .
يتكون هذا الجهاز من ثلاثة أجزاء مزروعة :
معالج صوتي يتم زرعه تحت الجلد خل الأذن يتصل بسلكين أحدهما ينتهي برأس حساس كهربائي ضغطي يتم وصله بإسمنت عظمي مع عظمة المطرقة أو السندان أو طبلة الأذن ، و الآخر يتصل بمحول ضغطي كهربائي يتصل بعظمة الركابة .
يقوم الحساس الكهربائي الضغطي الأول المتصل بطبلة الأذن أو عظمة المطرقة / السندان بتحسس حركة العظيمات السمعية الميكانيكية و يحولها إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى المعالج الصوتي . في المعالج الصوتي يتم دراسة هذه الإشارات وتصفيتها و تضخيمها بما يلائم درجة نقص السمع الموجودة عند المريض . بعد هذه العملية يتم نقل الإشارات المعدلة عبر سلك إلى الجزء الثالث و هو المحرك الهزاز .
المحرك الهزاز وهو ناقل ضغطي كهربائي يتوضع بذروة السلك الصادر من المعالج الصوتي و يزرع على رأس عظمة الركابة ، و هو يقوم بتحويل الإشارات الكهربائية المعلة القادمة من المعالج الصوتي المزروع إلى اهتزازات ميكانيكية تنتقل عبر عظمة الركابة إلى القوقعة و سماع الصوت بشكل أعلى و أنقى .
يتميز هذا الجهاز عن غيره من بقية الأجهزة بأنه الوحيد الذي يستخدم طبلة الأذن الطبيعية في استقبال الصوت القادم و بالتالي يحافظ على طريق السمع الطبيعي . و هو غير مرئي بالكامل.
إن برمجة هذا الجهاز تتم عبر جهاز مبرمج شخصي خاص بالمريض يعمل عبر الجلد ويستخدمه لتحديد شدة الصوت و طبيعة البيئة التي يوجد فيها المريض و إيقافه و تشغيله .
المساعد العظمي المثبت بالعظم Bone Anchored Hearing Aid(BAHA) :
وهو النوع الثاني من نظام المساعدات السمعية المغروسة و هو جهاز يزرع جراحياً خلف الأذن يقوم على تحريض قوقعة الأذن عبر نقل الموجات الصوتية كاهتزازات عبر عظم الجمجمة ، و هو ما يدعى النقل العظمي ، متجاوزاً الأذن الخارجية و الوسطى .
استطباباته :
يستخدم هذا الجهاز عادة عن مرضى التهابات الأذن الوسطى المزمنة أو أمراض الأذن الخارجية المزمنة المكتسبة أو التشوهات الخلقية فيها التي تمنع ارتداء السماعات العادية .
يشترط لاستخدامه أن تكون قوقعة الأذن الداخلية و العصب السمعي قادرة على سماع الأصوات المتوسطة و الجيدة ، بيما إذا كان فيهما نقص سمع شديد فإن الفائدة منه محدودة . كما يمكن استخدام المساعد العظمي المثبت بالعظم BAHA عند المرضى الذين لديهم صمم وحيد الجانب و الأذن الأخرى جيدة السمع .
عادة يستخدم عند الأطفال بعمر 5 سنوات و ما فوق ، و يوجد حالياً أجهزة للأطفال أصغر من 5 سنوات مع عصابة رأس طرية ملائمة قابلة للتثبيت .
يتكون عادة هذا الجهاز من غرسة معدنية تنقل الصوت كاهتزاز لعظم الجمجمة يزرع خلف الأذن ويثبت بالعظم، ودعامة معدنية تبرز منها عبر الجلد تتصل بجزء خارجي مسؤول عن استقبال الصوت و معالجته و نقله للغرسة العظمية .
عادة يستخدم هذا الجهاز غرسات من مادة التيتانيوم و التي تزرع خلف الأذن وتثبت في العظم تحتها . يكون هناك دعامة معدنية تربط معالج الصوت مع الغرسة المثبتة في العظم . و هذا يؤمن نقل عظمي مباشر للصوت دون أن يتأثر بالجلد و العضلات و النسيج الشحمي المحيط بالأذن .
عندما تتحرض الغرسات المعدنية المزروعة و المثبة خلف الأذن بالموجات الصوتية القادمة عبر الدعامة المعدنية من معالج الصوت فإنها تسبب اهتزازات صوتية تنتقل عبر العظم إلى قوقعة الأذن السليمة بالجهة المزروعة و الجهة الأخرى حيث يتم سماع الصوت عبرهما .
كيف تتم جراحة زرع  المساعد السمعي المثبت بالعظم BAHA ؟
إن عملية الزرع لـ BAHA هي عملية بسيطة تجرى في غرفة العمليات و هي تستغرق حوالي ساعة من الوقت . و يمكن إجرائها تحت التخدير الموضعي إذا رغب المريض بذلك .
حيث يتم إجراء شق صغير خلف الأذن و يرفع شريحة جلدية صغيرة خاصة خلف الأذن المصابة و يتم تنظيف فروة جلد الرأس فيها من الجريبات و الشحم . يتم حفر حفرة صغيرة في عظم الجمجمة تحت الجلد المرفوع و يتم تثبيت غرسة التيتانيوم ببرغي خاص في هذه الحفرة مع الدعامة المعدنية التي ستوصلها مع معالج الصوت فوق الجلد يتم إعادة الشريحة الجلدية إلى مكانها بعد التبيت و يجرى شق صغير في جلد الشريحة ليسمح للدعامة المعدنية التي ستتصل بمعالج الصوت بالبروز منها .
يتم خياطة الجلد مكانه و يتم وضع ضماد ضاغط لمدة 24 ساعة يتم ازالته بعدها يستبدل بضماد صغير فوق الجرح لمدة أسبوع .
قد يكون هناك ألم خفيف بعد العملية يعطى مسكن ألم له ، و يمكن للمريض العودة لمتابعة حياته الطبيعية في اليوم التالي للعملية .يلتئم الجلد و يشفى عادة خلال أسبوعين ، و لكن لا يوضع المعالج الخارجي الذي سيستقبل الصوت إلا بعد شهرين من العملية ، و ذلك لأن هذه الفترة لازمة كي يتغلغل النسيج العظمي للجمجمة ضمن برغي التيتانيوم المزروع فيه و بالتالي تحقيق نقل اهتزازت سليم عبر العظم.
يتميز هذا الجهاز بأنه يمكن تجريبه قبل إجراء العملية حيث يتم وصله برباط خاص تجريبي مع عصا تجريبية و هو ما يدعى بالرباط المرن بحيث يمكن تجريب معالج الصوت في أجواء مختلفة مثل العمل و المنزل ، و إظهار الفرق بينه و بين السماعات العادية .
يمكن ارتداء جهاز BAHA كامل الوقت و لكن يجب نزعه قبل النوم فقط ، حتى أن بعض المرضى بسبب خفته ينسون أنهم يضعونه .
إن التقدم العلمي و خاصة في مجال الالكترونيات ساهم كثيراً في المساعدة بإيجاد الحلول للعديد من الأمراض و منها نقص السمع ، و لا زال العلم يتقدم يوماً بعد يوم ليعدنا دائماً بالأمل و التفاؤل بحياة أفضل و إعاقة أقل …


أخبار مرتبطة