تاريخ النشر 14 نوفمبر 2023     بواسطة البروفيسور ماجدة احمد الدمياطي     المشاهدات 1

التفاعلات بين العقل والجسد

يتفاعل الدماغ والجسم بطرقٍ قوية تؤثِّر في صحَّة الشخص؛حيث يجري التحكُّمُ في الجهاز الهضمي بشكل كبير عن طريق الدِّماغ، ولذلك يؤثِّر القلق والاكتئاب والخوف تأثيرًا شَديدًا في وظيفة هذا الجهاز.كما أنَّ الشدَّة الاجتماعيَّة والنفسيَّة يمكن أن تُحرِّض أو تُفاقِم من مجموعةً واسعة من الأمراض والاضطراب
ات، مثل داء السكَّري و ارتفاع ضغط الدم و الصداع النصفي (الشَّقيقة).ولكنَّ الأهميةَ النسبية للعوامل النفسية تختلف اختلافًا واسعًا بين مختلف الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب نفسه؛

ومعظمُ الناس يعتقدون، على أساس الحَدس أو الخبرة الشخصيَّة، أنَّ الشدَّة النفسيَّة يمكن أن تسبِّب أو تغيِّر مسار حتَّى الأمراض الجسديَّة الكبرى.ولكن، كيف تَقُوم هذه الضغوطات بذلك؟ الأمرُ غيرُ واضح؛غيرَ أنَّه من الواضح أنَّ العواطف أو المشاعر يمكن أن تؤثِّر في بعض وظائف الجسم، مثل معدَّل ضربات القلب وضغط الدَّم والتعرُّق ونماذج النوم وإفراز حمض المعدة وحركات الأمعاء، لكنَّ العلاقات الأخرى تبدو أقلَّ وضوحًا؛فعلى سَبيل المثال، إنَّ المَسارات والآليَّات التي يتفاعل بها الدماغ والجهاز المناعي مع بعضهما بعضًا آخذةٌ في التحديد اليوم؛ولذلك، من المَلاحظ أنَّ الدماغَ يمكن أن يغيِّرَ نشاطَ الكريَّات البيض، ومن ثمَّ الاستجابة المَناعيَّة، لأن الكريَّات البيض تتحرَّك عبرَ الجسم في الأوعية الدموية أو اللِّمفيَّة، ولا ترتبط بالأعصاب.ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاثُ أنَّ الدماغَ يَتَواصل مع خلايا الدَّم البيضاء؛فمثلاً، يمكن أن يثبِّط الاكتئابُ الجهازَ المناعي، ويجعل الشخصَ أكثرَ عرضةً لحالات العدوى، مثل نزلات البرد أو الزكام.

كما أنَّ الشدَّةَ يمكن أن تسبِّب أَعرَاضًا جَسدِيَّة على الرغم من عدم وجود مرضٍ جسدي، لأنَّ الجسمَ يستجيب فيزيُولوجيًّا للشدَّة النفسيَّة؛فعلى سَبيل المثال، يمكن أن يسبب التوتُّرُ القلقَ، والذي يؤدِّي بعدَ ذلك إلى تحريض الجهاز العصبي اللاإرادي , الهرمونات مثل الإبينفرين، ومن ثم تسريع معدَّل ضربات القلب، وزيادة ضغط الدَّم، وكمية التعرُّق.كما يمكن أن تسبِّب الشدَّةُ توتُّرَ العضلات أيضًا، ممَّا يؤدِّي إلى ألم في الرقبة أو الظهر أو الرأس، أو في أيِّ مكان آخر.

تستند التقنيات العلاجية لطب العقل والجسد (ind-body medicine) إلى نظرية ترى أن العَوامِلَ النفسية والعاطفية يمكن أن تؤثِّر في الصحَّة البدنية.ولذلك، تستخدم الأساليبُ السُّلُوكية والنفسية والاجتماعية والروحية لمحاولة الحفاظ على الصحة ومنع حدوث المرض أو معالجته.

والتفاعلُ بين العقل والجسم هو طريق ذو اتجاهين؛لا تُسهم العوامل النفسية فقط في ظهور أو تفاقم مجموعة واسعة من الاضطرابات البدنية، ولكنَّ الأمراضَ الجسدية أيضًا يمكن أن تؤثِّر في تفكير الشخص أو مزاجه؛فالأشخاصُ الذين يعانون من اضطرابات جسدية مهدِّدة للحياة أو ناكسَة أو مزمنة يُصابون بالاكتئاب عادة.وقد يؤدِّي الاكتئابُ إلى تفاقم تأثيرات المرض الجَسدي، ويزيد من بؤس الشخص.


أخبار مرتبطة